استدل المخالف بقوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}(١) فأخبر الله تعالى أنه يريد لهم الهداية والبيان والتوبة، وأن المتبعين للشهوات يريدون منهم الميل عن الصواب.
والجواب: أنه لا حجة للمخالف بما ذكر، لأنا ننكر أن الذين يتبعون الشهوات يريدون الميل عن الحق، ولكنا نقول إن الله تعالى أراد وجودهم وخلقهم وأراد إرادتهم وخلقها بدليل قوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}(٢)، وإرادتهم صفة لهم، وصفاتهم مخلوقة لله تعالى كألوانهم وهيآتهم.
وبيان معنى الآية أن الله سبحانه لما بين المحرمات في النكاح، وبين لهم من يحل لهم نكاحه من الإماء قال:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}(٣) يعني لبين لكم حلال النكاح وحرامه ويعرفكم العدد (٤) في تزويجكم الإماء إذا لم تقدروا على تزويج (٥) الحرائر، ثم قال {وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي يرشدكم سنن (٦) الأنبياء والذين من قبلكم من المؤمنين أي شرائعهم {وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ} يعني يتجاوز عنكم من نكاحكم إياهن قبل التحريم، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بما يدخل في الأمور المحظورة التي بين أمرها {حَكِيمٌ} في جميع ذلك {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} يعني من نكاحكم (٧) إياهن قبل التحريم، وهذا
(١) النساء آية (٢٧). (٢) الإنسان آية (٣٠). (٣) (لبين لكم) ليست في-ح-. (٤) هكذا فيا لنسختين والمراد بها هنا غير واضح. (٥) التزويج: الاقتران ومنه قوله عزوجل: {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثاً}. انظر: لسان العرب ٣/ ١٨٨٦. (٦) (سنن) ليست في - ح-. (٧) في - ح- (نكاحهم).