أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً"، ثم قال للذي في شماله: "هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص أبداً"، فقال الصحابة: ففيم العمل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أمر قد فرغ منه؟، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل، ثم قال: فرغ ربك من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير" (١).
وروى أنس – رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل وكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت" (٢). وفي هذا من الأخبار المذكورة ما يضيق هذا المختصر عن ذكرها.
وأما استدلال هذا المخالف بقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ}(٣).
فالجواب عن هذا من وجوه:
إحداها: وهو المروي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - أنه قال: معناها إلا ليقروا له بالعبودية طوعاً وكرهاً (٤) مضاهاة لقوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي
(١) أخرجه ت. كتاب القدر (ب. إن الله كتب كتاباً لأهل الجنة وأهل النار) ٤/ ٤٤٩، وقال: وفي الباب عن ابن عمر وهذا حديث حسن غريب صحيح، وأخرجه حم ٢/ ١٦٧، والآجري في الشريعة ص ١٧٣، وابن أبي عاصم في السنة ١/ ١٥٤، وقال الألباني: "إسناده حسن". وهو مخرج في الأحاديث الصحيحة للألباني ٢/ ٥٢٨. (٢) أخرجه ت. كتاب القدر (ب. ما جاء إن الله كتب كتابا لأهل الجنة) ٤/ ٤٥٠، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه حم ٣/ ١٠٦ - ١٢٠، والآجري في الشريعة ص ١٨٥، وابن أبي عاصم في السنة ١/ ١٧٥، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرطهما. (٣) الذاريات آية (٥٦). (٤) أخرجه عنه ابن جرير ورجحه. انظر: تفسير ابن جرير ٢٧/ ١٢.