سبحانه أنه لم يرد أن يطهر قلوبهم، وأخبر الله سبحانه في أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله في آية أخرى:{لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}(١) أخبرونا: هل ساوى الله سبحانه بين هؤلاء (٢) اليهود الذي أنزل في شأنهم هذه الآية، وبين أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- في تطهير القلوب من الشرك (٣) واللطف والهداية. كما يساوي بينهم في الدعاء إلى الإسلام، أم (٤) خص الله أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- بخصيصة بتطهير قلوبهم من الشرك، وفضلهم بشيء لم يخص به هؤلاء اليهود وغيرهم ممن هو أعلى من اليهود ودون أهل البيت من المسلمين؟ فإن قالوا: لم يساوهم بل خص الله أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- بتطهير قلوبهم من الشرك والرجس وجعل لهم مزية وفضلهم على هؤلاء اليهود على سائر المسلمين.
قلنا لهم: هذا هو الحق وأنتم الآن المصدقون لخبر الله بكتابه بقوله تعالى: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ}(٥)، وبقوله:{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ}(٦)، وأي فضل أفضل من الهداية إلى الإسلام والعصمة من فتنة الشيطان، قال الله تعالى:{وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}(٧)، وقال سبحانه:{فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}(٨) وكان حقيقة التخصيص لأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية على
(١) الأحزاب آية (٣٣). (٢) في الأصل (هذا) وما أثبت من - ح - وهو الأصوب. (٣) في - ح - (الشك). (٤) قوله (أم) في - ح - وليست في الأصل ولا يستقيم الكلام بدونها. (٥) آل عمران آية (٧٤). (٦) المائدة آية (٥٤). (٧) النساء آية (٨٣). (٨) النحل آية (٣٦).