أن الله سوى بين قلب من قال فيه:{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا}(١) وبين قلب من قال الله فيها وهي أم موسى صلى الله عليه وسلم: {لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(٢)، ومثلها قوله تعالى في أهل الكهف:{وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}(٣) وهل يتصور التسوية بين من قال الله فيهم: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}(٤) وبين من قال فيهم: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}(٥) وقوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}(٦).
ويقال للمعتزلة والقدرية: قلتم إن الله لم يخص أحداً بالعلم والإيمان ولكنهم آمنوا بأنفسهم فأين أنتم من قول الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ}(٧) وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَة}(٨)، وقال:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً}(٩)، وقال:{الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ}(١٠)، وقال:{عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(١١)، وقال:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ}(١٢) فلو كان الإنسان علم نفسه، أو لم يخص أحداً بإيتاء الإيمان والحكمة، أو سوى بين الخلق بذلك لم يكن لذكر تخصيص الله بمن ذكر ممن ذكر معنى.