ا - من أمثلة هذه القاعدة ما جاء في تفسير قوله تعالى:{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}[المطففين: ٣] فقال جمهور المفسرين: معناه وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم يخسرون وتكون «هم» في موضع نصب، ويكون الوقف عليها.
وكان بعض العلماء يذهب إلى أنها حرفان، ويقف على «كالو»، و «وزنو» ثم يبتدئ ب «هم يخسرون»، فجعل «هم» في موضع رفع، وجعل «كالو» و «وزنو» مكتفيين بأنفسهما (١).
وهذه القاعدة ترجح القول الأول، قول الجمهور؛ وذلك أن «كالو» و «وزنو» لم ترسم فيهما الألف الفاصلة لواو الجماعة في جميع المصاحف (٢)، كما رسمت نظائرها من القرآن، فدل ذلك على أن الفعلين «كالو» و «وزنو» لم يكتفيا بأنفسهما، وأن الضمير «هم» في موضع نصب مفعول به.
وبهذه القاعدة رجّح كثير من العلماء قول الجمهور، فقال أبو عبيد: والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين:
إحداهما: الخطّ؛ وذلك أنهم كتبوهما بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا «كالوا» و «وزنوا» بالألف.
والأخرى: أنه يقال: كلتك ووزنتك بمعنى كلت لك ووزنت لك، وهو كلام عربي. اهـ (٣).
وقال الطبري - مرجحا بهذه القاعدة بعد أن ذكر القولين -: والصواب في ذلك عندي:
الوقف على «هم»؛ لأن «كالو» و «وزنو» لو كانا مكتفيين، وكانت «هم» كلاما مستأنفا،
(١) انظر جامع البيان (٣٠/ ٣٦٢)، وذكر هذين القولين أكثر المفسرين. (٢) انظر معالم التنزيل (٨/ ٣٦٢). (٣) نقله عنه غير واحد من أهل العلم، انظر معالم التنزيل (٨/ ٣٦٢)، والجامع لأحكام القرآن (١٩/ ٢٥٢)، وفتح القدير (٥/ ٣٩٨)، وفتح البيان (١٥/ ١٢٥).