هذه القاعدة من القواعد المشهورة عند العلماء، وهم يكادون يتفقون على أصلها وهو أن الأصل في الكلام الحقيقة - كما سيأتي تصريحهم بهذا - فمن هؤلاء الأئمة:
١ - الإمام الطبري: وإن كنت لم أقف على نص له يصرح فيه بهذه القاعدة، إلا أنه رجح في أمثلتها وفق ما ترجح القاعدة (١).
٢ - ومنهم الإمام ابن عبد البر: قال مقررا هذه القاعدة: وحمل كلام الله - تعالى - وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم على الحقيقة أولى بذوي الدين والحق؛ لأنه يقص الحق، وقوله الحق، - تبارك وتعالى علوا كبيرا - اه (٢).
٣ - ومنهم أبو بكر بن العربي: قال في تفسير قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}(١): قيل: هو حقيقة، وقيل: عبّر به عن دمشق، أو جبالها، أو مسجدها، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل اهـ (٣).
٤ - ومنهم القاضي أبو محمد بن عطية: ففي تفسير قوله تعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(٨)[الأعراف: ٨] وذكر الخلاف في معنى الوزن والموازين إلى أن قال - معقبا على القول بأن الميزان حقيقي له عمود وكفتان:
قال القاضي أبو محمد:
وهذا القول أصح من الأول من جهات:
أولها: أن ظواهر كتاب الله - عز وجل - تقتضيه، وحديث الرسول - عليه السلام - ينطق به، من ذلك قوله لبعض الصحابة وقد قال له: يا رسول الله أين أجدك يوم
(١) انظر على سبيل المثال جامع البيان (١/ ٣٦٥)، و (٨/ ٩٦). (٢) التمهيد (٥/ ١٦)، وانظر (٧/ ١٤٥) منه. (٣) أحكام القرآن (٤/ ٤١٤).