إلا في ربع دينار فصاعدا» (١) ومثال تخصيص عموم القرآن بالإجماع قول الله تعالى:
{يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}[النساء: ١١]، فاللفظ العام في كل ولد حر أو عبد، وقد أجمع المسلمون أن الولد إذا كان عبدا لم يرث، وكذلك الأب إذا كان عبدا لم يرث (٢).
***
* أدلة القاعدة:
١ - من أدلة هذه القاعدة قول الله تعالى:{إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ}(٩٨)[الأنبياء: ٩٨].
لما نزلت هذه الآية شق على كفار قريش، وقالوا: شتم آلهتنا، وأتوا ابن الزّبعرى وأخبروه، فقال: لو حضرته لرددت عليه، قالوا: وما كنت تقول له؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى، واليهود تعبد عزيرا أفهما من حصب جهنم؟ فعجبت قريش من مقالته، ورأوا أن محمدا قد خصم، فأنزل الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ}(١٠١)[الأنبياء: ١٠١](٣) تنبيها على صرف العام عن شموله لبعض أفراده بالتخصيص، ولم ينكر صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه تعلقه بعموم الآية (٤).
قال القرطبي: هذه الآية أصل في القول بالعموم، وأن له صيغا مخصوصة، خلافا لمن قال: ليست له صيغة موضوعة للدلالة عليه، وهو باطل بما دلّت عليه هذه الآية
(١) متفق عليه من حديث عائشة - رضي الله عنها -، البخاري، كتاب الحدود، باب قوله الله تعالى: وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما، وفي كم تقطع؟، انظر الصحيح مع الفتح (١٢/ ٩٩)، ومسلم، كتاب الحدود، حديث رقم (١ - ٤)، واللفظ له. (٢) الإيضاح لناسخ القرآن ص ١٠٢. (٣) أخرج القصة الواحدي في أسباب النزول ص ٣٠٥، والطبري في تفسيره (١٧/ ٩٦) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. (٤) انظر كشف الأسرار عن أصول البزدوي (١/ ٦١٤)، وتفسير النصوص (٢/ ٧١).