وقوله - صلى الله عليه وسلم - "أو انضحي" بكسر الضاد فمعناه أيضًا أعطي وأصل النضح الرش وكأنه أمر بالتصدق بما تيسر وإن كان قليلا وفي الحديث "أرضخي" أي أعطي بغير تقدير ويطلق النضح أيضًا على الصب ولعله المراد هنا ويكون أبلغ من النفح ويفيد تكرار هذه الألفاظ تأكد أمر الصدقة والحث عليها على أي حال تيسرت بكثير أو قليل بمقدر أو غير مقدر في الطاعة والنهي عن الإمساك والبخل وعن ادخار المال في الوعاء (١) فقوله "أنفقي أو انفحي أو انضحي" قال الحافظ (٢): الثلاثة بمعنى واحد.
قوله - صلى الله عليه وسلم - "ولا تحصي فيحصي الله عليك" أي لا تبخلي فتجازين على بخلك وأصل هذا من الإحصاء الذي هو العد وعبر عن البخل بالإحصاء لأن البخيل يعد ماله ويتحرز به ويغار عليه (٣) فيحتمل قوله "ولا تحصي فيحصي الله عليك" وجهين:
أحدهما: أنه يحبس عنك مادة الرزق ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشيء المعدود، والآخر: أن يحاسبك عليه في الآخرة كذا في الميسر (٤).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا توعي فيوعي الله عليك" أي لا تمسكي المال في الوعاء
(١) شرح النووي على مسلم (٧/ ١١٨ - ١١٩)، والمفهم (٩/ ٤٢). (٢) أي المنذري. (٣) المفهم (٩/ ٤٢). (٤) الميسر (٢/ ٤٣٨)، والكواكب الدراري (٧/ ١٩٩ - ٢٠٠).