محرم، ويحتمل وجه رابع وهو أن يكون المعنى فقد قارب أن يعصي أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -، ونظير هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - في تارك الرمي:"فقد عصاني" أي: قارب أن يعصيني وهو كقوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}(١) أي إذا قاربن بلوغ أجلهن يذهبن لأن بعد بلوغ الأجل وهو العدة لا رجعة، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله"(٢) يحتمل فقد قارب أن يحبط عمله، وقد أجاب الشافعي رحمه الله بنحو ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل -عليه السلام-: "فصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل الشيء مثله"(٣) أي حين قارب أن يصير مثله، قاله ابن العماد في شرح العمدة (٤).
قوله: فقال: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -" ففيه تعظيم الرجل بذكره بالكنية، ففي كتاب أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن دحية أن كنية النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو الأرامل، والذي في الذخائر أن كنيته - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة أبو الأرامل (٥)، روى الحاكم في المستدرك بسنده إلى محمد بن عجلان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا أبو
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٤. (٢) أخرجه البخاري (٥٥٣) و (٥٩٤)، والنسائي في المجتبى ١/ ٥٧٣ (٤٨١) والكبرى (٤٤٤) عن بريدة. (٣) أخرجه أبو داود (٣٩٣)، والترمذي (١٤٩ و ١٥٠) عن ابن عباس. وقال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن. وصححه الألباني في المشكاة (٥٨٣)، الإرواء (٢٤٩)، صحيح أبي داود (٤١٦). (٤) ذكره أيضا في تسهيل المقاصد (لوحة ٤٨ و ٤٩). (٥) الذخائر والأعلاق في آداب التقوى ومكارم الأخلاق (ص ٤١٥).