ثانياً: قال الداودي عند إيراده هذا الحديث: «يريد أن ذلك يكون في آخر الزمان»(١) وقد حمله جمع على أمر قد تمّ؛ منهم:
ابن حزم، قال بعد كلام:«إنه -أي: هذا الحديث- إنذار منه -عليه السلام- بسوء العاقبة في آخر الأمر، وأنّ المسلمين سيمنعون حقوقهم في هذه البلاد، ويعودون كما بدأوا، وهذا -أيضاً- حق قد ظهر، وإنا لله وإنا إليه راجعون»(٢) .
وذكر ذلك بناءً على معنىً ذكره في مكان سابق لهذا الكلام، قال:
«وإنما قصد -عليه السلام- في هذا الحديث الإنذار بجلاء أيدي المفتتحين لهذه البلاد من أخذ طعامها ودراهمها ودنانيرها فقط، وقد ظهر ما أنذر به -عليه السلام-»(٣) .
فكأنه أراد أن معنى (المنع) : «سيرجعون من الطاعة، ويأبون مَنْ إذا ما وُظِّفَ عليهم في أحدِ الأمر، وذلك أنهم يرتدون عن الإسلام، وعن أداء الجزية، ولم يكن ذلك في زمانه، ولكن أخبر أنهم سيفعلون ذلك»(٤) .
وفي هذا المعنى نظر، قدمنا المؤاخذات عليه فيما مضى (٥) .
وممن ذهب إلى هذا الرأي (٦) من الأقدمين -قبل ابن حزم-: الخطابي،
(١) «الأموال» (ص ١٤٣ - ط. دار السلام) ، ومثله عند ابن القيم في «أحكام أهل الذمة» (١/٢٦٥ - ط. الرمادي) . (٢) «المحلى» (٧/٣٤١ - مسألة رقم ٩٥٧) . ونقله عنه ابن حجر في «الفتح» (٦/٢٨٠) . (٣) «المحلى» (٥/٢٤٧-٢٤٨ رقم ٦٤٢) . (٤) «التذكرة» (٣/٢١٣ - ط. دار ابن كثير) . (٥) انظر: (ص ٢٢٧ وما بعد) . (٦) بمعنى أن المنع قد ظهر وانتهى.