وهو محمول على معنىً مرجوح لـ (المنع) المذكور في الحديث، وسبق بيان ذلك بالتفصيل، ولله الحمد والمنة.
فصل
في سياق كلام أبي هريرة -رضي الله عنه-
سبق أن أشرت عند الكلام على تخريج حديث أبي هريرة المرفوع:«منعت العراق ... » أنّ ابن القيم -رحمه الله تعالى- عزاه في «أحكام أهل الذمة»(١/٢٦٦ - ط. رمادي) للشيخين، وأن لذلك وجهاً، وهذا التفصيل:
علق الإمام البخاري في «صحيحه» في كتاب الجزية (باب إثم من عاهد ثم غدر)(٤/٨١ - ط. اليونينية) ، قال:
قال أبو موسى: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا إسحاق بن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال:
كيف أنتم إذا لم تَجْتبوا (١) ديناراً ولا درهماً؟ فقيل له: وكيف؛ ترى ذلك كائناً يا أبا هريرة؟ قال: إي والذي نفسُ أبي هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق (٢) ....................................................................
(١) الجباية: الأخذ، سواء كان جزية أم خراجاً، وفي «النهاية» (١/٢٣٨) : «الاجتباء: افتعال من الجباية، وهو استخراج الأموال من مظانها» . وانظر: «عمدة القاري» (١٥/١٠٢) ، و «إرشاد الساري» (٥/٢٤٣) ، و «شرح الكرماني على صحيح البخاري» (١٣/١٤٣) ، و «فيض الباري» (٣/٤٧٨) ، و «إتحاف القاري» (٢/٧٢٠) ، و «التوشيح» (٥/٢٠٨٠) ، و «عون الباري» (٣/٦٤٦) . (٢) معني: الصادق ظاهر، و (المصدوق) هو الذي لم يُقَلْ له إلا الصدق، يعني أن جبريل -عليه الصلاة والسلام-مثلاً- لم يخبره إلا بالصدق، وقال الكرماني (١٣/١٤٣) : أو المُصدَّق بلفظ المفعول؛ كذا في «عمدة القاري» (١٥/١٠٢) . وانظر: «تحفة الباري» (٦/٤٠٨) ، و «إرشاد الساري» (٥/٢٤٤) .