ويحتمل أن يُراد بفتنة النار: لسُؤال الخزنة على سبيل التوبيخ، كما أشار إليه قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨)﴾ [الملك: ٨].
(وشر فتنة الغِنَى)"مثل: الأشر، والبطر، والشح بحقوق المال، أو إنفاقه فيما لا يحل من: إسراف، وباطل، ومُفَاخرة به"(١)، ([ومن شر] (٢) فتنة الفقر) "كـ: التسخط، وقلة الصبر، والوقوع في حرام وشبهة للحاجة"(٣)، ذكره المصنف.
وقال بعض المحققين:"قيَّد فيهما بالشر؛ لأن كلا منهما فيه خير باعتبار، وشر باعتبار، فالتقييد في الاستعاذة منه بالشر يُخْرِجُ ما فيه من الخير سواء كَثُر أو قلّ".
قلت: وقد بين هذا المعنى في قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: ٦، ٧]، وفي قوله ﷺ:"كاد الفقر أن يكون كفرًا".
ثم قيل:"المراد: فقر النفس"، وهو الذل لا يردُّهُ ملك الدنيا بحذافيرها، وليس في الحديث ما يدل على تفضيل أحدهما على الآخر".
قلت: لأن كلَّ ما هو مانع عن الحُضور فهو شُؤم عند أهل السرور،
(١) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٩/ أ). (٢) كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج) و (م): "وشر"، وفي (د): "و". (٣) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٩/ أ).