قائلا له: سبحان الله، أنت صاحب العزاء، أيش كان حاجة إلى كلامك مع ابن الحنبلي! فيجيبه السبط: لا بد من الكلام. فيقول المعظم: إذا كان ولا بد فليكن في اليوم الثالث، ولا يتكلم معك أحد. وهكذا كان.
وفي ذلك اليوم يفوض إليه المعظم تربة بدر الدين حسن (١)، على نهر ثورا عند جسر كحيل في طريق جبل قاسيون (٢)، ويكتب له بها منشورا (٣)، فتصير مذ ذاك اليوم مسكنا له (٤).
وكان أبو شامة من بعد، وهو في طريقه إلى الصالحية، يمر بالتربة البدرية، فيراه جالسا في شباكها، أو في الصفة الخارجة في النهر، ومعه كتاب يطالع فيه أو ينسخ منه (٥).
= زائد، ومن تأليفه «تاريخ الوعاظ». ينظر: «سير أعلام النبلاء» (٢٣/ ٦ - ٧)، و (ص ١٤٥) من هذا الكتاب. (١) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٣٢). وبدر الدين حسن هو أحد أولاد الداية الخمسة، وهم: سابق الدين عثمان، وشمس الدين علي، وبهاء الدين عمر، وأكبرهم مجد الدين أبو بكر، وهو رضيع السلطان نور الدين محمود بن زنكي، وتربى معه. وقد غدا هؤلاء الإخوة من كبار أمرائه. ينظر: «كتاب الروضتين» (٢/ ٤٥، ٣٢٧)، و «المذيل على الروضتين» (١/ ٣٠٧). ووهم العلامة الشيخ عبد القادر بن بدران في نسبتها إلى بدر الدين لؤلؤ؛ صاحب الموصل. ينظر: «منادمة الأطلال» (١٥٢ - ١٥٣). (٢) المذيل على الروضتين (١/ ٣٠٧). وموقعها الآن شرقي الجسر الأبيض، في ساحة حطين، وهي ما يعرف عند الناس بدوار الميسات، وما زال ذاك الجسر قائما. (٣) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٣٢). (٤) المذيل على الروضتين (١/ ٣٠٧). وذكر الدكتور صلاح الدين المنجد في كتابه «خطط دمشق» (٧٢): أن أبا شامة سكن فيها كذلك. وهو وهم منه، فلم يسكن أبو شامة من المدارس إلا المدرسة العادلية الكبرى. ينظر كتابي: «أبو شامة مؤرخ دمشق في عصر الأيوبيين» (٣٨، ٤٧، ١٨٧). (٥) المذيل على الروضتين (١/ ٣٠٧)، وكتابي «أبو شامة مؤرخ دمشق في عصر الأيوبيين» (٣٨).