للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصر (١)، فيسير في اليوم التالي لهذه الوقعة العظيمة بين الخوارزمية والصليبيين (٢) إلى غزة ليشهد موقعها، منتشيا بهزيمة الصليبيين هذه الهزيمة المنكرة، إذ لم يجر مثلها في زمن نور الدين وصلاح الدين، على حد تعبيره. وحين وصل إليها وجد الناس يعدون القتلى بالقصب، وقالوا: هم زيادة على ثلاثين ألفا. وبعثت الخوارزمية بالأسارى ورؤوس القتلى إلى مصر، ومعهم الظهير بن سنقر وجماعة من المسلمين (٣).

ولعل سبط ابن الجوزي عاد مع العائدين إلى القاهرة عقيب هذا الانتصار (٤)، فعلقت رؤوس القتلى على أبوابها، وامتلأت حبوسها من الأسرى. وقد أصبح الطريق إلى دمشق ممهدا أمام عساكر الصالح أيوب، فراح يجهز الأمير معين الدين بن شيخ الشيوخ لحصارها (٥).

أما الصليبيون فقد أرسلوا في ٢٥ جمادى الآخرة سنة ٦٤٢ هـ/ ٢٧ تشرين الثاني ١٢٤٤ م - أي: بعد نحو شهر من هزيمتهم الكبيرة بغزة - أسقف بيروت إلى أمراء الغرب، للدعوة إلى حملة صليبية جديدة إلى الشرق، كيلا تتعرض مملكتهم بأسرها للفناء. وكان الملك لويس التاسع؛ ملك فرنسة قد أعلن في ذلك الوقت عن رغبته الشديدة في القيام بحملة صليبية، وأشاعت رغبته تلك في الغرب الارتياح والسرور. ولذلك لما سمع البابا أنوسنت الرابع ما قاله أسقف بيروت عن حال الصليبيين القاتم في الشرق، أقر عن طيب خاطر ما بذله الملك لويس من وعود للقيام بحملة صليبية، وبدأ على الفور في الدعوة لها (٦).


(١) ينظر: (ص ١٨٦) من هذا الكتاب.
(٢) مرآة الزمان (٢٢/ ٣٨١).
(٣) مرآة الزمان (٢٢/ ٣٨٢).
(٤) ينظر: «مرآة الزمان» (٢٢/ ٧٦).
(٥) مرآة الزمان (٢٢/ ٣٨٢).
(٦) تاريخ الحروب الصليبية (٤٤٠ - ٤٤١/ ٣).

<<  <   >  >>