للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعادة تحصينها. وأرسلوا إلى أوربة رسالة مثيرة يقصون فيها ما حققوه من مكاسب كبيرة (١). وعمروا قلعتي طبرية وعسقلان، وحصنوهما، وعزموا على عمارة كوكب (٢).

واتفق في تلك الأيام الأخيرة من سنة ٦٤١ هـ/ ١٢٤٤ م أن دخل المؤرخ ابن واصل إلى بيت المقدس، وهو في طريقه إلى مصر، فساءه وأحزنه - كما ساء المسلمين جميعهم وأحزنهم - ما رآه من هتك الصليبيين الحرمة المسجد الأقصى والصخرة المقدسة، فكتب من بعد بألم، معبرا عن استيائه الحزين: «رأيت الرهبان والقسوس على الصخرة المقدسة، وعليها قناني الخمر برسم القربان، ودخلت الجامع الأقصى، وفيه جرس معلق، وأبطل بالحرم الشريف الأذان والإقامة، وأعلن فيه بالكفر» (٣).

واستعدادا لهذه الحرب بعث الصالح إسماعيل عسكرا إلى غزة، فنزلوا بها، وراح يجهز عساكر دمشق ليسيرها مع المنصور إبراهيم؛ صاحب حمص، ليلقى بها مع الصليبيين عساكر مصر (٤). وبرز الصالح أيوب من القاهرة، ونزل ببركة الجب (٥)، منتظرا وصول الخوارزمية لمناصرته.

* * *

وكان الخوارزمية قد ساروا من الشرق في المحرم سنة ٦٤٢ هـ/ حزيران ١٢٤٤ م، فقطعوا الفرات، ومقدمهم حسام الدين بركة خان، وهم زيادة على عشرة آلاف فارس، وانضم إليهم جماعة من الأمراء القيمرية الأكراد (٦) مع كثير من أصحابهم وأتباعهم، منهم الأمير ناصر الدين القيمري. فأجفل الناس بين أيديهم، وما مروا بموضع إلا نهبوه وعاثوا فيه (٧).


(١) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٣٨٩ - ٣٩٠).
(٢) مفرج الكروب (٥/ ٣٣٢).
(٣) مفرج الكروب (٥/ ٣٣٣).
(٤) مفرج الكروب (٥/ ٣٣٣، ٣٣٦).
(٥) السلوك (ج ١/ ق ٢/ ٣١٥).
(٦) نسبة إلى قيمر: قلعة في الجبال بين الموصل وخلاط. ينظر: «معجم البلدان» (٤/ ٤٢٤).
(٧) مفرج الكروب (٥/ ٣٣٦).

<<  <   >  >>