دمشق، ويعلق البطائق في أجنحة الحمام، فيقع الحمام في برج قلعة بعلبك، وهناك تغير البطائق، ويكتب بدلا منها على لسان سعد الدين بأن المولى الصالح إسماعيل مهتم بالمسير إلى المعسكر المنصور بنابلس بنفسه، وما يتأخر قدومه عن السلطان. ويصل الحمام إلى الصالح أيوب، فيطيب نفسا بذلك، وينتظر مطمئنا وصول عمه الصالح إسماعيل.
ويتم للصالح إسماعيل بهذا التدبير الماكر ما أراده من جمع الرجال والاحتشاد لقصد دمشق، وانقطاع الأخبار بذلك عن الصالح أيوب.
ثم يبعث إلى ولده المنصور نور الدين محمود يستدعيه من نابلس، موهما الصالح أيوب أنه إنما يطلبه ليجعله نائبا عنه في بعلبك قبل مسيره إليه. فيتوجه نور الدين بأصحابه إلى والده، ويسير الصالح أيوب ابنه مغيث الدين عمر إلى دمشق ليحفظها، ويقيم بقلعتها (١).
ويخرج الصالح إسماعيل من بعلبك بعساكره، متخذا طريق نابلس، ويبيت بالمجدل، ويكتب بطاقة إلى الصالح أيوب أنه في طريقه إليه. حتى إذا كان وقت السحر ينعطف على الفور نحو دمشق (٢).
ويصل إلى الصالح أيوب خبر مسير عمه الصالح إسماعيل إلى دمشق (٣)، فيستبد به غضب مكتوم لخداعه له، فما كان يخطر له على بال أن عمه سينكث بأيمانه، وينقض عهوده ومواثيقه (٤)، فيكتم الخبر (٥)، ويتقدم إلى أستاذ داره الأمير حسام الدين بن أبي علي الهذباني أن يسارع إلى دمشق لحفظها قبل أن يصل عمه إليها. فيسير إليها مسرعا، وما إن يصل إلى الكسوة حتى يرد إليه الخبر بمنازلة الصالح إسماعيل دمشق، فيعلم أنه لم يبق له من سبيل إلى دخولها، فيتركها لمصيرها، ويعود أدراجه خائبا إلى الصالح أيوب (٦).