عساكرها حين وصوله يدخلون في طاعته، ويتخلون عن أخيه العادل. بل إن كتب أمراء مصر وجواسيسهم تواترت عليه، يستدعونه إليها في السر، وممن كتب إليه الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ، وهو من أجل أمرائها وأعظمهم، يستحثه على سرعة القدوم. وبرغم ذلك كله فقد توقف الصالح أيوب عن المسير إلى مصر حتى تتبين له الأمور، خوفا من أن يكون ما يكاتب به لاستدراجه إلى مصر، وهو يعلم أن عسكره القليل لا طاقة له بحرب عسكرها (١).
ولتكثير عدد جنوده راح يواصل كتبه إلى عمه الصالح إسماعيل ليسير إليه، فيعده إسماعيل أنه واصل إلى خدمته (٢)، بينما كانت دسائسه تحاك في دمشق لاستيلائه عليها، والأموال تفرق على مقدميها وأعيانها (٣). وفي انتظار وصول عمه إليه تقدم الصالح أيوب إلى جماعة من أمراء المصريين وجماعة من عسكر دمشق أن يتقدموا إلى غزة، فرحلوا إليها، ونزلوا بظاهرها. وأخذ هو في تهيئة أسباب المسير إلى مصر، وتقدم إلى الأمراء بأن يعملوا الأزواد استعدادا لدخول صحراء سيناء (٤).
وكان العادل بن الكامل قد خرج بعساكر مصر من القاهرة يوم الثلاثاء آخر ذي الحجة سنة ٦٣٦ هـ/ ٢ آب ١٢٣٩ م، ونزل بلبيس (٥)، وهو خائف من أخيه الصالح أيوب، ولكنه يظهر قصد الشام وانتزاعها منه (٦). ولم يقم بها إلا أياما قلائل حتى تغير على الناصر داود، ففارقه الناصر على غير رضا عائدا إلى الكرك (٧)