للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأنين (١). ورأوا أن لا حل إلا بعرض الانسحاب بأمان لقواتهم كلها لقاء تسليم دمياط للمسلمين (٢). وبعد استطلاع آراء القادة العسكريين اتفقوا على إنفاذ رسول للكامل لعرض الأمر عليه (٣).

وتشاور الكامل مع أهل بيته، فأشار عليه بعضهم ألا يؤمنهم، بل يأخذهم أخذا باليد، وقد صاروا في قبضته، وبذلك يأخذ منهم دمياط، وجميع ما بقي لهم من البلاد الساحلية في الشام.

ولم ير الكامل هذا برأي، فقال: إن هؤلاء ليسوا جميع الفرنج، وإذا أبدناهم لا نقدر على أخذ دمياط إلا بمطاولة وحروب كثيرة (٤)، ولا سيما أنها ذات أسوار منيعة، والفرنج زادوا في تحصينها عندما استولوا عليها، ولا يؤمن مع طول محاصرتها أن يفد ملوك الفرنج نجدة لمن فيها (٥)، وحينئذ سيقدم إلينا منهم أضعاف هؤلاء، وتعود الحرب جذعة، والعساكر قد ضجرت من الحرب وكلت (٦).

فاتفقت الآراء على بذل الأمان لهم، وتسلم دمياط منهم (٧). وبينما كانت المراسلات مترددة بين الطرفين قدم المعظم من جهة دمياط، فازداد موقف المسلمين قوة، وموقف الصليبيين خذلانا ووهنا (٨). ودامت المفاوضات بينهم حتى يوم الإثنين ١٠ رجب ٦١٨ هـ/ ٣٠ آب ١٢٢١ م (٩) وتم الاتفاق على انسحاب قوات الصليبيين بأمان لقاء تسليم دمياط (١٠)، وتبادل الأسرى، وعقد هدنة مدتها ثماني سنين (١١)، يكون خلالها لأي ملك


(١) الحملة الصليبية الخامسة (٣٣٢ - ٣٣٣).
(٢) مفرج الكروب (٤/ ٩٧).
(٣) الحملة الصليبية الخامسة (٣٣٣).
(٤) مفرج الكروب (٤/ ٩٧).
(٥) السلوك (ج ١/ ق ١/ ٢٤٤).
(٦) مفرج الكروب (٤/ ٩٧).
(٧) مفرج الكروب (٤/ ٩٨).
(٨) الكامل (١٢/ ٣٣٠).
(٩) تاريخ الحروب الصليبية (٣/ ٣٠١).
(١٠) مفرج الكروب (٤/ ٩٧).
(١١) السلوك (ج ١/ ق ١/ ٢٤٥)، وتنتهي سنة ٦٢٦ هـ/ ١٢٢٩ م.

<<  <   >  >>