وعساكرنا، ونضيع الزمان ما نروح إلى دمياط ونستريح؟ فقال له المعظم: قول رماة البندق؟ (١) قال: نعم. فقبل المعظم قدمه، ونام الأشرف، فخرج المعظم من الخيمة كالأسد الضاري يصيح: الرحيل الرحيل إلى دمياط. وما كان يظن أن الأشرف يسمح بذلك. وساق المعظم إلى دمشق، وتبعته العساكر. ونام الأشرف في خيمته إلى قريب الظهر، وانتبه، فدخل الحمام، فلم ير حول خيمته أحدا، فقال: وأين العساكر؟ فأخبروه الخبر، فسكت، وساق إلى دمشق، فنزل القصير يوم الثلاثاء ٤ جمادى الأولى/ ٢٦ حزيران، فأقام إلى سلخه، وعرض العساكر تحت قلعة دمشق، وكان هو وأخوه المعظم في الطيارة بالقلعة، وساروا إلى مصر غرة جمادى الآخرة/ ٢٣ تموز (٢).
ويبدو أن سبط ابن الجوزي - وقد خرج من دمشق على نية الغزاة - لم يفسخ ما عزم عليه، وسافر معهما إلى مصر، وإن لم يصرح بذلك (٣).
-٢ -
وكان الصليبيون قد حشدوا قواتهم لمهاجمة القاهرة، وتقدموا يوم السبت ٢٥ جمادى الأولى ٦١٨ هـ/ ١٧ تموز ١٢٢١ م، من دمياط جنوبا، ووصلوا إلى فارسكور في اليوم التالي (٤).
ونادى الكامل بالنفير العام، وألا يبقى أحد إلا خرج لقتال الفرنج (٥). واتجه بقواته شمالا، فعبر نحو بحر أشموم، وتقدم إلى شارمساح، غير أنه
(١) أي قول أهل الفتوة، وكانوا يرمون بالبندق. ينظر: «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ١٩٤، ٢٠٢). (٢) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨). (٣) ينظر: «مرآة الزمان» (٢٢/ ٢٩٢)، و «الحملة الصليبية الخامسة» (٤٠). (٤) مفرج الكروب (٤/ ٩٤)، و «الحملة الصليبية الخامسة» (٣١٧). (٥) السلوك (ج ١/ ق ١/ ٢٣٨).