للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمدرسة الرواحية (١).

وكما توسط سبط ابن الجوزي لابن الصلاح، حاول أن يستصلح المعظم لمحمد بن أبي الفضل بن زيد الدولعي الشافعي؛ خطيب جامع دمشق بعد عمه عبد الملك بن زيد. وكان المعظم قد منعه من الفتوى، فسأله السبط: لم منعته؟. فأجابه المعظم: ما منعته، وإنما منعه شيوخ مذهبه وأكابرهم، كتبوا إلي يقولون: هذا رجل جاهل، غليظ الطبع، وفتاويه كلها خطأ، ولا يحل لك أن تمكنه من الفتوى في الفروج والأموال (٢).

ويبدو أن شفاعة سبط ابن الجوزي عند المعظم لم تكن تتعدى تلك الوساطات للعلماء، أما ما يتعلق منها بالسياسة وشؤون الحكم فكان يتجنبها، فنراه لا يتدخل أبدا حين عزل المعظم صديقه الأمير المبارز المعتمد إبراهيم بن موسى عن شحنة دمشق، لبغضه له، بعد أن تولاها نحو خمسين سنة، وأنزله من قلعة دمشق إلى داره، وحجر عليه، وبالغ في ذلك.

وكان للمبارز المعتمد منزلة كبرى عند سبط ابن الجوزي، ولم ينس أياديه عليه مذ تعرف إليه، ولطالما لهج لسانه بالثناء عليه، بقوله: «كان محسنا إلي، ومتفضلا علي، خدمني بنفسه وجاهه وماله، وجمع لي بين خيري الدنيا بتفضله وإفضاله». ولذلك واصل زيارته له في داره كل ليلة جمعة حتى وفاته، ولم ينقطع عنه أحيانا إلا بسبب منع زيارته، وغلق باب داره في بعض الأوقات (٣).

* * *

وممن كان يزور سبط ابن الجوزي الأمير مبارز الدين سنقر الحلبي الصلاحي؛ وكان من كبار أمراء السلطان صلاح الدين بن أيوب، وله معه مواقف مشهورة (٤).


(١) ينظر: «وفيات الأعيان» (٣/ ٢٤٤)، و «سير أعلام النبلاء» (٢٣/ ١٤١).
(٢) مرآة الزمان (٢٢/ ١٢٦، ٣٥٠).
(٣) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٤٦، ٢٨١ - ٢٨٢).
(٤) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٦٥).

<<  <   >  >>