عن المجنون حتى يفيق (١). ومن يكبر ويقول ما كبرت فليس بعاقل والمجنون لا تجب الصلاة عليه.
قال المصنف: واعلم أن الوسوسة في نية الصلاة سببها خبل في العقل وجهل بالشرع. ومعلوم أن من دخل عليه عالم فقام له (٢) وقال: نويت أن أنتصب قائما تعظيما لدخول هذا العالم لأجل علمه مقبلا عليه بوجهي سفه في عقله، فان هذا قد تصور في ذهنه منذ رأى العالم. فقيام الانسان إلى الصلاة ليؤدي الفرض أمر يتصور في النفس في حالة واحدة لا يطول زمانه وإنما يطول زمان نظم الألفاظ والألفاظ لا تلزم والوسواس جهل محض. وإن الموسوس يكلف نفسه أن يحضر في قلبه الظهرية والادائية والفرضية في حالة واحدة مفصلة بألفاظها وهو يطالعها وذلك محال. ولو كلف نفسه ذلك في القيام للعالم لتعذر عليه فمن عرف هذا عرف النية. ثم إنه يجوز تقديمها على التكبير بزمان يسير ما لم يفسخها فما وجه هذا التعب في الصاقها بالتكبير على أنه إذا حصلها ولم يفسخها فقد التصقت بالتكبير. وعن مسور، قال: أخرج إلي معن بن عبد الرحمن كتابا وحلف بالله أنه خط أبيه وإذا فيه قال عبد الله: والذي لا إله غيره ما رأيت أحدا كان أشد على المتنطعين من رسول الله ﷺ، ولا رأيت بعده أشد خوفا عليهم من أبي بكر، وإني لأظن عمر كان أشد أهل الأرض خوفا عليهم.
فصل
ومن الموسوسين من إذا صحت له النية وكبر ذهل عن باقي صلاته كان
(١) رواه ابو داود والترمذي عن علي مرفوعا ولفظه: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يعقل»، وهو حديث صحيح راجع مشكاة المصابيح (٢/ ٢١١). (٢) هذا من باب ضرب المثل، والا فالقيام لا يجوز لاحد لان النبي ﷺ قد كرهه. فقد اخرج ابو يعلى في مسنده، والترمذي، وصححه عن أنس، قال: ما كان في الدنيا شخص احب اليهم - يعني الصحابة - رؤية من رسول الله ﷺ وكانوا اذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك. والبخاري في «الادب المفرد» والطحاوي بسند صحيح: «من احب ان يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار». وفي لفظ: «من سره أن يقوم له بنو ادم وجبت له النار». رواه المخلص في فوائده بسند صحيح.