الكتب، هذه الكتب كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب، قيل له: في هذه الكتب عبرة، قال: من لم يكن له في كتاب الله ﷿ عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأئمة المتقدمة، صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس وهذه الأشياء. هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم يأتوننا مرة بالحارث المحاسبي ومرة بعبد الرحيم الدبيلي ومرة بحاتم الأصم ومرة بشقيق، ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي، نا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: أول من تكلم في بلدته في ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية ذو النون المصري فأنكر عليه ذلك عبد الله بن عبد الحكم وكان رئيس مصر، وكان يذهب مذهب مالك، وهجره لذلك علماء مصر لما شاع خبره أنه أحدث علما لم يتكلم فيه السلف حتى رموه بالزندقة. قال السلمي: وأخرج أبو سليمان الداراني من دمشق، وقالوا: أنه يزعم أنه يرى الملائكة وأنهم يكلمونه، وشهد قوم على أحمد ابن أبي الحواري: أنه يفضل الأولياء على الأنبياء فهرب من دمشق إلى مكة، وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى أنه ذكر للحسين ابن عيسى أنه يقول: لي معراج كما كان للنبي ﷺ معراج، فأخرجوه من بسطام، وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان، فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام. قال السلمي: وحكى رجل عن سهل بن عبد الله التستري أنه يقول: إن الملائكة والجن والشياطين يحضرونه وانه يتكلم معهم فأنكر ذلك عليه العوام حتى نسبوه إلى القبائح فخرج إلى البصرة فمات بها. قال السلمي: وتكلم الحارث المحاسبي في شيء من الكلام والصفات فهجره أحمد بن حنبل فاختفى إلى أن مات.
قال المصنف: وقد ذكر أبو بكر الخلال في كتاب «السنة» عن أحمد بن حنبل أنه قال: حذروا من الحارث أشد التحذير الحارث أصل البلية يعني في حوادث كلام جهم ذاك جالسه فلان وفلان وأخرجهم إلى رأى جهم ما زال مأوى أصحاب الكلام حارث بمنزلة الأسد المرابط، أنظر أي يوم يثب على الناس.
فصل
قال المصنف: وقد كان أوائل الصوفية يقرون بأن التعويل على الكتاب والسنة وإنما لبس الشيطان عليهم لقلة علمهم.