للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنت بهم اعرف، وقد تصحبهم السلامة فى كثير من الأمور، فقال: هيهات قد رأينا من كان أقوى إيمانا منهم إذا رأى الحدث قد أقبل فر كفرارة من الزحف، وانما ذلك على حسب الأوقات التي تغلب الأحوال على أهلها، فتأخذها عن تصرف الطباع ما أكثر الخطر ما أكثر الغلط.

فصل

وصحبة الأحداث أقوى حبائل إبليس التي يصيد بها الصوفية. أخبرنا ابن ناصر عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت أبا بكر الرازي يقول: قال يوسف بن الحسين، نظرت في آفات الخلق فعرفت من أين أتوا، ورأيت آفة الصوفية في صحبة الأحداث ومعاشرة الاضداد وارفاق (١) النسوان.

وبإسناد عن ابن الفرج الرستمي الصوفي يقول: رأيت إبليس في النوم فقلت له: كيف رأيتنا أعرضنا عن الدنيا ولذاتها وأموالها فليس لك إلينا طريق، فقال: كيف رأيت ما اشتملت به قلوبكم باستماع الغناء ومعاشرة الأحداث.

وبإسناد عن ابن سعيد الخراز، يقول: رأيت ابليس في النوم يمر عني ناحية، فقلت: تعال، فقال: أيش أعمل بكم، أنتم طرحتم عن نفوسكم ما أخادع به الناس، قلت: ما هو، قال: الدنيا، فلما ولى التفت إلي فقال: غير أن فيكم لطيفة، قلت: وما هي؟ قال: صحبة الأحداث، قال أبو سعيد: وقل من يتخلص منها من الصوفية.

فصل

عن أبي عبد الله بن الجلاء، قال: كنت انظر الى غلام نصران حسن الوجه، فمر بي أبو عبد الله البلخي، فقال: أيش وقوفك؟ فقلت: يا عم أما ترى هذه الصورة كيف تعذب بالنار، فضرب بيده بين كتفي، وقال: لتجدن غبها (٢) ولو بعد حين. قال: فوجدت غبها بعد أربعين سنة أن أنسيت القرآن.


(١) يريد: مرافقة النساء، من رافقه: اذا صار رفيقه.
(٢) الغب: العاقبة.

<<  <   >  >>