قلتُ لأبي عبد الله: فلِمَ ترخِّصُ (١) إذًا في القنوت قبل الركوع، وإنَّما صحَّ الحديث (٢) بعد الركوع؟
فقال: القنوت في الفجر بعد الركوع، وفي الوِتْر نختاره بعد الركوع، ومن قَنَت قبل الركوع فلا بأس؛ لفعل أصحاب رسول الله ﷺ واختلافهم فيه، فأمَّا في الفجر فبعد الركوع، والذي فعله رسول الله ﷺ هو القُنُوت في النَّوازل، ثُمَّ تَرَكَه، ففِعْله سُنَّةٌ، وتَرْكُه سُنَّةٌ، وعلى هذا دَلَّت جميع الأحاديث، وبه تتَّفِق السُّنَّة.
وقال عبد الله بن أحمد (٣): سألتُ أبي عن القُنُوت في أيِّ صلاةٍ؟ قال: في (٤) الوتر بعد الرُّكوع، فإنْ قَنَت رجلٌ في الفجر، اتِّباع ما روي عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قَنَت دعاءً للمستضعفين فلا بأس، فإنْ قَنَت رجلٌ بالنَّاس، يدعو لهم ويستنصر الله تعالى فلا بأس.
وقال إسحاق الحربيُّ (٥): سمعت أباثورٍ يقول لأبي عبد الله أحمد
(١) س: «يرخص». (٢) ط: «الأحاديث». (٣) مسائل عبد الله (٢/ ٣٠٤) بنحوه. (٤) «في» ليست في هـ. (٥) إسحاق بن الحسن بن ميمون بن سعد، أبو يعقوب الحربي، ترجم له القاضي ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (١/ ١١٢) ثم نقل عن الخلال أنَّه قال عنه: «نقل عن إمامنا مسائل حسانًا».