فهُم ما أشركوا إلّا لمّا دُعوا إلى تحقيق نفي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا...}[الأعراف: ٧٠]، فهم ما أنكروا على رسلهم أصلَ قضية الدعوة إلى الله، بل كان إنكارهم لتحقيق نفْي الألوهية عمَّن سوى الله تعالى.
قوله صلى الله عليه وسلم:«وأنّ محمداً عبدُه ورسولُه»:
وهذه مَنزلة التوسُّط بين الإفراط والتفريط في حق النبي -صلى الله عليه وسلم-،
وهذا الذي نصَّ عليه كتابُ الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ...}[الكهف: ١١٠]، فوصْفه -صلى الله عليه وسلم- بمقام العبودية والبشرية فيه ردٌّ على الغلاة الذين بالغوا في شأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حتى قالوا في حقه ما لا يقال إلا في حق الله تعالى، وحتّى جَوَّزُوا الاستغاثة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وقاموا يسألونه عند المُلِمّات لكَشف الكُرُبات!
* وكم كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على إغلاق باب الغلو فيه -صلى الله عليه وسلم-، وسدّ كل الذرائع المُفْضِية إلى ذلك!
* عن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «أَجَعَلْتَنِي لِلهِ نِدّاً؟! بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ». (٢)
(١) أخرجه مسلم (١١٨٥). (٢) أخرجه أحمد (١٨٣٩). انظر السلسلة الصحيحة (١٣٦).