والنفاثات هنَّ السواحر اللاتي ينفثن في عُقَدِ الخيط حين يرقين عليها، والنَّفْث هو ما كان دون التفل، وهو نفخ بلا ريق.
والشاهد أن الله -تعالى- لما أمر بالاستعاذة من شر النفاثات، عُلم أن لهنَّ تأثيراً وضرراً على الحقيقة، فلولا أن للسحر حقيقة لما أمر الله -تعالى- بالاستعاذة منه.
يقَولَ الشَّاعِرُ:
" أعُوذُ برَبِّي من النَّافِثاتِ... ومن عَضَهِ العاضِهِ المُعْضِهِ ". (١)
*وقد ورد في سبب نزول المعوذتين ما رواه زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ -رضى الله عنه-قَالَ:
وقد نقل القرطبي اتفاق المفسرين على أن سبب نزول المعوذتين ما كان من سحر لبيد بن الأعصم، وهو اليهودي الذي سحر رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(١) العضاه: من شجر الشوك كالطلح والعوسج، وقال الكاسائي: " العِضَةُ ": الكذب والبهتان والسحر والنميمة، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١] والمعنى أن المشركين فرقوا أقاويلهم فيه، فجعلوا القرآن كذباً وسحراً وكهانة، والعاضة: الساحرة. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين الناس»، رواه مسلم (٢٦٠٦). وانظر مختار الصحاح (ص/٢٣٠) و المصباح المنير (ص/٢٤٧) وتأويل مختلف الحديث (ص/٢٥١) (٢) أخرجه النسائي في الكبرى (٣٥٢٩) والطحاوي في مشكل الأثار (٥٩٣٥) وسنده صحيح. وانظر أحكام القرآن لابن العربي (٤/ ١٩٩٦) والاستيعاب في بيان الأسباب (٣/ ٥٨٩)