وقد تجلَّت هذه الوسطية في نبي الله عيسى عليه السلام، وذلك كما ورد في حديث الباب، وذلك بالاعتقاد ببشرية عيسى عليه السلام، مع الإيمان برسالته إلى بني اسرائيل.
** وما ورد في حديث عبادة بن الصامت -رضى الله عنه- السابق من الاعتقاد في عيسى -عليه السلام - قد نص عليه كتاب الله تعالى.
قال تعالى (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)(التحريم/١٢)
فَأَرْسَلْ الله -تعالى- إِلَيْهَا رُوحَه - جبريل عليه السلام- فنفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة حتى ولجت فرجها، فصارت حاملاً من ساعتها.
فعيسى كلمة الله، وقد سُمِّيَ عيسى -عليه السلام- كلمة الله لوجوده ولخلقه بكلمة من الله، من غير أب، قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(آل عمران/٥٩) فبقوله تعالى {كُن} خُلق عيسى عليه السلام. فـ (كن) هي كلمة الله عز وجل، وهي الكلمة التي ألقاها إلى مريم، وكلمة الله ليست مخلوقة، وعيسى -عليه السلام - مخلوق.
* قال شاذ بن يحيي في قول الله:{وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه} قال: ليس الكلمة صارت عيسى، ولكن بالكلمة صار عيسى. (٢).
(١) تفسير القرآن العظيم (٨/ ١٧٣) (٢) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (٦٣١٠)