تَرَكْتُ الشِّعْرَ واسْتَبْدَلْتُ مِنْهُ ... إِذَا دَاعِي ضِيَاءِ الصُّبْحِ قَامَا
كِتَابَ اللهِ لَيسَ لَهُ شَرِيكٌ ... وَوَدَّعْتُ المُدَامَةَ والنَّدَامَى
وَحَرَّمْتُ الخُمُوْرَ وَقَدْ أُرَانِي ... بِهَا سَدِكًا (١) وإِنْ كَانَتْ حَرَامَا
- وَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا لَمْ تَسْتَحْي اصْنع مَا شِئْتَ" (٢). فَقَال: العَرَبُ تَسْتَعْمِلُ الأَمْرَ في بَعْضِ المَوَاضِعِ في مَعْنَى الشَّرْطِ؛ لِمَا بَينَهُمَا مِنَ المُضَارَعَةِ؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَير وَاجِبٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْتَقِرٌ إِلَى جَوَابٍ، وَلَا فَرْقَ بَينَهُمَا غَيرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ لَفْظِيٌّ؛ والآخَرُ شَرْط مَعْنَويٌّ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَكَ: إِن تَجِئْنِي أُكْرِمْكَ، فَهَذَا شَرْطٌ لَفْظِيٌّ؛ لأنَّ فِيهِ أَدَاةُ الشَّرْطِ مَلْفُوْظًا بِهَا، وإِذَا قُلْتُ في الأَمْرِ: جِئْنِي أُكْرِمْكَ، فَلَيسَ في اللَّفْظِ أَدَاةٌ من أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، لكنَّهَا مَوْجُوْدَةٌ فيه مِنْ طَرِيقِ المَعْنَى لَا مِنْ طَرِيقِ اللَّفْظِ، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: جِئْنِي فَإِنْ تَجئْنِي أُكْرِمْكَ، فَلَمَّا كَانَتْ بَينَهُمَا هَذِهِ المُنَاسَبَةُ جَازَ أَنْ يَسُدَّ أَحَدُهُمَا مَسَدَّ الآخَرِ، فَمِمَّا سَدَّ فِيهِ الأمْرُ مَسَدَّ الشَّرْطِ قَوْلُهُ: "إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" كَأَنَّهُ قَال: إِذَا لَمْ تَسْتَحي صَنَعْتَ مَا شِئْتَ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالى (٣): {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَو كَرْهًا
= قَال الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ: "وقيل: اسمُهُ عَدِيُّ بنُ عَمْرِو بن سُوَيدٍ وسيأتي" ولم يذكره في عَدِيٍّ؟ ! .(١) معنى "سَدِكًا": ملازمٌ لَهَا، وهي لُغَةٌ طَائِيَّةٌ، قَال في اللِّسان: "السَّدِكُ: المُولعُ بالشَّيءِ. قَال بَعْضُ مُحَرِّمِي الخَمْرِ عَلَى نَفْسِهِ في الجَاهِلِيَّةِ ... " وأَنْشَدَ البَيتَ وَرَوَاهُ هكَذَا:* وَوَزَّعْتُ القِدَاحَ وَقَدْ أُرَانِي *(٢) التَّمهيد (٢/ ٧٠) فَمَا بعدها، وبهجة المَجالس (١/ ٥٩٠).(٣) سُورة التَّوبة، الآية: ٥٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute