٣٧٣٧ - حدثنا محمد بن إبراهيم الطَّرْسُوسِي، حدثنا أبو نُعيم (١)، حدثنا أفْلَحُ (٢)، عن القاسِم بن محمد، عن عائشة قالت: خرَجْنا مع
⦗٣١١⦘ رسول الله ﷺ بالحجّ في أَشْهُر الحجِّ (٣) وحُرُم (٤) الحج، حتَّى نزلنا بِسَرِفَ قالت: فخرج رسول الله ﷺ إلى أصحابه فقال: "من لمْ يَكُن مِنْكُم معه هدْيٌ فأَحَبَّ أنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، ومَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا" وكان مع رسول الله ﷺ هَدْيٌ ومَعَ رِجَالٍ من أصحابه ذوِيْ قُوَّةٍ كانَ مَعَهُم الهدْي، قَالت: فالآخِذ بِالأَوْلَى من لم يكن معه الهَدْيُ، والتَّاركُ لها، قالت: فدخل رسول الله ﷺ وأنَا أبْكي (*فقال: "ما يبكيك؟ "*) (٥) قالت: سمعتُ قولَكَ لأصحابِك فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قال:"وما شأنُكِ؟ " قلتُ: لا أصلِّي، قال:"لا يَضُرُّكِ إنَّما أنتِ من بناتِ آدمَ كتب الله عليكِ مَا كتَبَ عَلَيْهِنَّ، فكُوني في حجِّكِ فعَسَى الله أَنْ يَرْزُقَكِهَا" قالتْ: فَكُنْتُ في حَجَّتِي حتَّى نَفَرْنا من مِنىً، فَنَزَلْنَا المُحَصَّب فَدَعَا عبد الرحمن بن أبي بَكْرٍ فَقَال:"اخرُجْ بِأختِكَ
⦗٣١٢⦘ من الحرَمَ فَلْتُهِلَّ بعمرة، ثُمَّ افْرُغا من طوافِكما فإنِّي أنتظرُكما ها هُنا حتَّى تأْتِيا" قال: فجئْنَاه في جوفِ اللَّيل، قال:"قد فرغْتُما" قلتُ: نعم، (فنادَى (٦)) بالرَّحِيل في أصحابه، فارتَحَل النَّاسُ ومرَّ بالبيتِ فطافَ قبْلَ صلَاةِ الصُّبْحِ، ثمَّ خرَجَ مُتَوَجِّهًا إلى المدينة (٧).
(١) هو: الفضل بن دُكين. (٢) ابن حميد بن نافع الأنصاري المدني، وهو موضع الالتقاء مع مسلم. (٣) أشهر الحج هي: عند الجماهير شوال، ذو القعدة، وعشر ليال من ذي الحجة تمتد إلى الفجر ليلة النَّحر. انظر: شرح النووي على مسلم (٨/ ٣٨٥). (٤) حُرُم الحجّ: ضبطه الجمهور بضمِّ الحاء والرَّاء على إرادة الأوقات والمواضِع والأشياء والحالات، وضبطَه الأصيلي بفتح الرَّاء، فيكونُ جمعَ حرمة، أي ممنوعات الشرع ومحرَّماته. انظر: شرح النووي على مسلم (٨/ ٣٨٤)، الدِّيباج على مسلم (٣/ ٣٠٦). (٥) ما بين القوسين استدركه الناسخ في الهامش الأيمن. (٦) في نسخة (م) "فادي"، ولعلَّها تصحيفُ "فَآذن"، ففي لفظ مسلم (٢/ ٨٧٠) "فآذن بالرحيل"، أي أَعْلَمَ بالرَّحيل، كما يحتمل أن تكون تصحيفَ "فنادى" لفظِ الحديثِ في صحيح البخاري (ص ٢٨٨، ح ١٧٨٨). (٧) أخرجه مسلم في كتاب الحج -باب بيان وجوه الإحرام. . . (٢/ ٨٧٥، ح ١٢٣) عن محمد بن نمير، عن إسحاق بن سليمان، وأخرجه البخاري في كتاب الحج -باب قول الله تعالى: "الحج أشهر معلومات". . . (ص ٢٥٣، ح ١٥٦٠) عن محمد ابن بشَّار، عن أبي بكر الحنفي، وفي كتاب العُمرة -باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة ثم خرج، هل يجزئه من طواف الوداع؟ (ص ٢٨٨، ح ١٧٨٨) عن أبي نُعيم الفضيل ابن دكين، ثلاثتهم عن أفلح بن حميد به. من فوائد الاستخراج: قولُه في حديث المصنِّف: "فمنعتُ العمرة"، روى جمهورُ رواةِ مسلم مكانه: "فسَمِعتُ بالعُمرة"، وهذا اللفظ يُشْكِل توجيهه، أما لفظ المستخرِج فواضح المعنى، مناسبٌ للمُقام، يؤيِّد لفظَ بعضِ رواة مسلم الذين رَوَوْه بلفظ: "فمُنِعْتُ العُمرة"، ولذا قال النووي: "كذا هو في النسخ: "فسمعت بالعمرة"، قال القاضي: كذا رواه جمهور رواة مسلم ورواه بعضهم: "فمنعت العمرة"، وهو الصواب". انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (٨/ ٣٨٥).