فإِنْ تك قَسْرٌ أَعقبتْ مِن جُنَيْدبٍ ... فقد علموا في الغَزْوِ كيف نُحارِفُ (١)
قَسْر, يريد قسر بجيلة، أعقبت عقبا (٢) منه. يقول: إن كانوا أعقبوا فقد علموا كيف نصنع بهم إذا غزوناهم, أي كيف محاربتنا إياهم, كانوا غزوهم فقتلوهم.
ألم نَشْرِهْم شَفْعا ويُترَك منهمُ ... بجَنْب العَروض رمّةٌ ومَزاحفُ
نشرهم, أي نَبْتَعْهم. شفعا: اثنين اثنين. والعروض: جبلٌ من نواحي الحجاز.
ورمة: بالية (٣) قد (٤) انقضت. ومَزاحِف: مُلتقًى, حيث زحف القوم بعضهم إلى بعض.
وقال أيضا
أهاجَكَ مَغنَى دِمنةٍ ورُسومُ ... لِقَيْلةَ منها حادِثٌ وقَديمُ
مَغْنى الدار: حيث غَنِيَ فيها أهلها. حادث: حديث. وقديم: مُزْمِن. يقول: منها ما قُدم (٥) وحَدُثَ الآن, ومنها قديم قد عفا. وكأنه قد نزلها مرارا.
عَفا غيَر إِرْثٍ من رَمادٍ كأنّه ... حمامٌ بأَلباد القِطارِ جُثومُ
الإرث: الأصل. (٦) ويقال: فلانٌ في إرث حسب. وقوله: كأنه حَمامٌ, يعنى الرماد. الألْباد: ما لَبَّده المطر, وهو القِطار, أي كأنه حمام جثوم قد لبده القطر يعنى الرماد.
(١) ذكر في اللسان (مادة حرف) المحارقة بمعنى المفاخرة, واستشهد بهذا البيت. وفي هذه المادة أيضا أن المحارقة بمعنى مجازاة الصنيع بمثله؛ ومنه قولهم: لا تحارف أخاك بالسوء أي لا تجازه بسوء صنيعه؛ الخ وهذا المعنى محتمل هنا.
(٢) لعله يريد أنها قتلته وتركت له عقبا يقوم مقامه.
(٣) بالية, أي عظام بالية, كما في اللسان.
(٤) في النسخة الأوروبية "قد انقبضت" أي انكسرت.
(٥) الظاهر أن قوله: "قدم" في هذه العبارة زيادة من الناسخ. وحدث هنا (بضم الدال) يقال حدث الشيء (بفتح الدال) فإذا قرن (بقدم) ضمت الدال فيه مراعاة للازدواج.
(٦) فسر في التاج الإرث بأنه الرماد نفسه, وأنشد بيت ساعدة هذا.