الإسلام لم ينقطع بوفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمتى دعت المصلحة للتأليف بالزكاة كان ذلك مشروعًا.
ونوقش: بما تقدم من كون هذا الحكم منسوخًا (١).
وأجيب: بعدم التسليم؛ لعدم الدليل على النسخ كما تقدم (٢).
[أدلة القول الثاني]
الدليل الأول: أن حكم إعطاء المؤلفة قلوبهم قد نسخ (٣)، واختلفوا في تحديد الناسخ، فقيل: نُسِخَ بإجماع الصحابة، حيث لم يعط أبو بكر وعمر المؤلفة قلوبهم من الصدقات، ولم ينكر عليهم بقية الصحابة، فكان إجماعًا (٤).
وقيل: إن الناسخ قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩](٥) حيث قالها عمر لعيينة بن حصن وكان من المؤلفة قلوبهم، وأراد بذلك أن يمنعه من الأخذ من سهم المؤلفة (٦).
وقيل: إن الناسخ قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:"صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم"(٧).
(١) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤٥، فتح القدير ٢/ ٢٦١. (٢) وسيأتي مزيد بيان لاستدلالهم بالنسخ مع المناقشة، في أدلة القول الثاني. (٣) عُرِّفَ النسخ بتعريفات، منها تعريفه في المستصفى (٨٦) بأنه: "الخطاب الدالُّ على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجهٍ لولاه لكان ثابتًا به مع تراخيه عنه"، وأخصر منه تعريفه في الكوكب المنير بأنه: "رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ". ينظر شرح الكوكب المنير (٤٦٢). (٤) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤٥، الدر المختار ٢/ ٣٤٢. (٥) سورة الكهف ٢٩. (٦) ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤٥. (٧) تقدم تخريجه (ص ٣٤٨).