كتاب المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث

ومن باب الهاء مع الجيم - (هجر) - ج: 3 - ص: 478

وقيل: الهَاجِرَة بمعنى المَهجُورَةِ، لأنّ السَّيْرَ يُهْجَر فيها، كماءٍ دافِقٍ بمعنى مَدفُوقٍ.

- ومنه قوله: "والهُجْر إلَى الصَّلاةِ"

ذَهَب جَمَاعَةٌ إلى أَنّ مَعنَاه التَّبْكِيرُ، وعلى مذهب مَالكٍ أنّه بعد الزَّوَال؛ لأنَّ التَّهجِيرَ إنّما يَكُون نِصفَ النَّهار، كما قَالَ الأعشىَ: (١)

أَرمِى بها البيْدَاءَ إذْ هجَّرت ... وأنت بَيْنَ القَرْوِ وَالعَاصِرِ ١)

- في الحديث: "لا هِجْرَةَ بَعْدَ ثَلاثٍ" (٢)

يعنى بَيْنَ المُسْلمين فيما يَكُون بينهم من قِبَل عَتْب وَمَوْجِدَةٍ، أو تَقْصِير يقَع في حُقُوق العِشْرَة ونَحوِها، دونَ ما كان من ذلك في حقّ الدِّين، فإنّ هِجْرَة أهْلِ الأهْوَاءِ والبِدَع دَائمةٌ على مَرِّ الأوقاتِ والأزمَانِ، مَا لم تَظْهر منهم التَّوبة، والرُّجُوع إلى الحقِّ، وكان عليه الصّلاة والسّلام خاف على كعْب بن مَالك، وأَصحابِه النِّفاقَ، حين تَخَلَّفُوا عنه في غَزْوَةِ تَبُوك، فأَمَر بهِجْرانِهم نحو خَمْسِين يَوْماً.

وأمَّا هِجران الوَالد الوَلَدَ، والزَّوجِ الزَّوْجَةَ، ومَن في مَعناهما فَلَا

---

(١) ديوان الأعشى/ ٢٤٥، وتهذيب اللغة ٩/ ٢٦٧ (قرا) واللسان (قرا) برواية:
أَرمى بها البَيْداءَ إذْ أَعرضَت
وأنت بَين القَرْوِ والعاصِرِ
(٢) ن: يريد به: الهَجْرَ ضِدّ الوصل.