وفيما ذكره البخاري في هذا الباب (١): الحرصُ على تحري الصلاة في الأماكن التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها على وجه التبرك كما كان ابنُ عمرَ - رضي الله عنهما - يفعل، وقد ورد (٢) أن عمر - رضي الله عنه - كان في سفر، فصلى (٣) الغداةَ، ثم أتى على مكان، فجعل الناسُ يأتونه، فيقولون: صلَّى فيه - عليه السلام -، فقال عمر: إنما هلك أهلُ الكتاب أنهم اتبعوا آثارَ أنبيائهم فاتخذوها كنائسَ وبِيَعًا، فمن عرضتْ له الصلاةُ، فليصلِّ، وإلا فليمضِ، كذا في ابن بطال (٤).
قال ابن المنير: ومن رحمة (٥) هذه الأمة بعلمائها حتى (٦) جعل (٧) اتفاقَهم رحمةً، واختلافَهم رحمةً: أن مثل هذه القضية اختلف فيها عمرُ وابنُه - رضي الله عنهما -، فحَفظ اختلافُهما على الناس أمرين عظيمين في الدين (٨):
أحدهما: اقتفاء آثاره - عليه السلام - تعظيمًا وتبركًا.
والثاني: السلامة في الاتباع من الابتداع، ألا ترى عمر - رضي الله عنه - كيف نبه على أن هذه المساجد التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ليست من المشاعر، ولا لاحقة بالمساجد الثلاثة في التعظيم؟ فالحمدُ لله على أن علت هذه الأمة
(١) "الباب" ليست في "ج". (٢) في "ج": "وقد روي ورد". (٣) في "ج": "فصار". (٤) انظر: "شرح ابن بطال" (٢/ ١٢٦). (٥) في "ج": "رحمته". (٦) "حتى" ليست في "ع". (٧) "جعل" ليست في "ن". (٨) في "ع": "الدارين".