المغيرة بن شعبة، قال: رأيت النبي ﷺ مسحَ خفيهِ، ظاهرهما
وباطنهما (١).
قال البخاري عقبه:«وهذا أصح».
وأخرجه: أبو داود (١٦١) عن محمد بن الصباح البزاز، قال: حدثنا عبد الرحمان ابن أبي الزناد، قال: ذكره أبي، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة ابن شعبة: أنَّ رسول الله ﷺ كانَ يمسحُ على الخفين.
قال أبو داود عقبه:«وقال غير محمد: على ظهر الخفين».
قلت: وقول البخاري هذا لا يفهم منه تصحيحٌ لهذا الطريق، وإنما بالنسبة لطريق الوليد هذا أصح منه. إلا أنَّ هذا الطريق معلول سنداً ومتناً، فابن أبي الزناد، واسمه عبد الرحمان متكلم فيه، فقد أخرج العقيلي في
"الضعفاء " ٢/ ٣٤٠ عن أحمد بن محمد الحضرمي أنَّه قال: سألت يحيى بن معين، عن ابن أبي الزناد، فقال لي «ضعيف»، وعن أحمد أنَّه قال:«كذا وكذا» يعني «ضعيف»، ونقل المزي في " تهذيب الكمال " ٤/ ٤٠٠ (٣٨٠٤) عن أحمد أنَّه قال فيه: «مضطرب الحديث»، ونقل عن عبد الله ابن علي المديني، عن أبيه أنَّه قال: «ما حدّث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، ورأيت عبد الرحمان - يعني: ابن مهدي - خطط (٢) على أحاديث عبد الرحمان بن أبي الزناد، وكان يقول: في حديثه عن مشيختهم، ولقنه البغداديون عن فقهائهم، عدهم فلان وفلان وفلان»، وقال ابن حجر في " التقريب "(٣٨٦١): «صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد وكان فقيهاً»(٣).
(١) هكذا وقع في المطبوع: «وباطنهما»، وقد نقل الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " الحديث من " التاريخ الأوسط " للبخاري بهذا السند ولفظه: «رأيت رسول الله ﷺ يمسح على خفيه ظاهرهما»، ثم قال الحافظ: «وكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن أبي الزناد .. »، ويرى كثير من الباحثين أنَّ تاريخ البخاري المطبوع باسم " التاريخ الصغير " هو في الحقيقة " التاريخ الأوسط " له، وانظر ما كتبه الأخ المحقق الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر في كتابه القيم " توثيق النصوص وضبطها ": ٨٥ - ٩٢، فلعل ما وقع في مطبوع التاريخ من زيادة: «وباطنهما» خطأ، والله أعلم. (٢) هكذا في " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " ٦/ ١٥٧: «يخط». (٣) لعل الناظر في كتابي هذا سيجدني حسنت حديثاً لعبد الرحمان بن أبي الزناد، ونقلت هناك عن الذهبي أنَّه ما رواه عن أبيه وهشام بن عروة فهو من قوي حديثه، وهنا ضعفت الحديث بعبد الرحمان مع أنَّه رواه عن أبيه، فأقول: في هذا الحديث اتفقت مع ضعف عبد الرحمان قرينة أخرى لتضعيفه، وهي إذا ما روى عنه البغداديون، فهذه الموافقة حالت دون إعطاء حديث عبد الرحمان المنزلة التي استحقها في الحديث الذي أشير إليه، ومنه تعلم مغزى ما ذهبنا إليه من أنَّ قواعد الحديث ليست قواعد مطردة، وإنما لكل حديث خصوصيته التي تخصه ولا بد من النظر في رواية الراوي وروايته عن شيوخه ورواية الشيوخ عنه حتى يحكم الحديثي على كل حديث بما يليق به، والله أعلم.