ومثّل ابن الصَّلَاحِ لتصحيف الْمَتْن بمثال آخر فَقَالَ:«وفي حَدِيْث أبي ذر: «تعينُ الصانعَ»، قَالَ فِيْهِ هشام بن عروة - بالضاد المعجمة - وَهُوَ تصحيفٌ، والصواب ما رواه الزهري:(الصانع) - بالصاد المهملة - (١) ضد الأخرق (٢)» (٣).
[النوع الثالث: تصحيف البصر وتحريفه]
وَهُوَ سوء القراءة بسبب تشابه الحروف والكلمات، وهذا يحصل في الأعم لِمَنْ يأخذ من الصحف دون تلقٍ وقد وصفه السخاوي بأنَّه الأكثر (٤).
وقد يكون من أسبابه: الخط الدقيق وعدم النقط والإعجام للكتابة، وقد استحب أهل الحديث لطالب الحديث ضبط كتابه قال ابن الصلاح:«ثم إنَّ على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصّلونه بخط الغير من مروياتهم على الوجه الذي رووه شكلاً ونقطاً يُؤمن معهما الالتباس»(٥)، وقال: «يُكره الخط الدقيق من غير عذرٍ يقتضيه. رُوّينا عن
(١) قَالَ الحافظ العراقي في " شرح التبصرة " ٢/ ١٠٢ بتحقيقي: «وكقول هشام بن عروة في حَدِيْث أبي ذر: «تعين ضايعاً» بالضاد المعجمة، والياء آخر الحروف، والصواب بالمهملة والنون»، ومثله في " تدريب الرَّاوِي " ٢/ ١٩٤. وهذا جزء من حَدِيْث أخرجه: البخاري ٣/ ١٨٨ (٢٥١٨)، ومسلم ١/ ٦٢ (٨٤) (١٣٦) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُراوح، عن أبي ذر، قَالَ: قلت: يا رَسُوْل الله … وفيهما: «تعين صانعاً»، وعند مُسْلِم أَيْضاً بلفظ: «فتعين الصانع»، هكذا في الأصول المطبوعة للصحيحين: (صانعاً) - بالصاد المهملة والنون - وانظر " شرح مسلم للنووي " ١/ ٢٧١ ومثل ذَلِكَ في " مسند الحميدي " (١٣١)، و" مسند الإمام أحمد " ٥/ ١٥٠ و ١٧١، وفي " فتح الباري " ٥/ ١٨٣ (٢٥١٨): «ضائعاً»، وفي " عمدة القاري " ١٣/ ٧٩: «ضايعاً». (٢) الأخرق: هُوَ الَّذِيْ ليس بصانع ولا يحسن العمل، يقال: رجل أخرق: لا صنعة لَهُ، والجمع خُرْق - بضم ثُمَّ سكون - وامرأة خرقاء، كذلك. انظر: " فتح الباري " ٥/ ١٨٥ عقب (٢٥١٨). (٣) " مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث ":٣٨٥ - ٣٨٦ بتحقيقي. (٤) انظر: " فتح المغيث " ٣/ ٦٨ ط. العلمية و ٣/ ٤٦٤ ط. الخضير. (٥) " معرفة أنواع علم الحديث ": ٢٩٤ بتحقيقي.