الراجحة، ولكن كثرة المتابعات والاختلاف على عبد الرزاق جعلتنا نرجح الرواية الأولى، والله أعلم (١).
وقد ذهب لفيف من أهل العلم إلى رد رواية الحيضة.
فقال ابن القيم في " حاشيته على تهذيب سنن أبي داود " ١/ ١٢٩: «فقد اتفق ابن عيينة وروح بن القاسم، عن أيوب فاقتصر على الجنابة. واختلف فيه عن الثوري، فقال يزيد بن هارون عنه كما قال ابن عيينة وروح، وقال
عبد الرزاق عنه: أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ ورواية الجماعة أولى بالصواب، فلو أنَّ الثوريَّ لم يختلف عليه لرجحت رواية ابن عيينة وروح، فكيف وقد روى عنه يزيد بن هارون مثل رواية الجماعة؟ ومن أعطى النظر حقه علم أنَّ هذه اللفظة ليست محفوظة في الحديث».
وقال ابن رجب في " فتح الباري " ٢/ ١١٠: «وهذه اللفظة - أعني لفظة الحيضة - تفرّد بها عبد الرزاق، عن الثوري وكأنَّها غير محفوظة، فقد رواها غير واحد عن الثوري فلم يذكروها، وقد رويت أيضاً هذه اللفظة من حديث سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة، وسالم ضعيف، والحسن لم يسمع من أم سلمة»(٢).
وقال الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ١/ ١٦٨ (١٣٦): «ومن ذلك تبين أن ذكر الحيضة في الحديث شاذ لا يثبت؛ لتفرّد عبد الرزاق بها عن الثوري خلافاً ليزيد بن هارون عنه، ولابن عيينة وروح بن القاسم، عن أيوب ابن موسى فإنَّهم لم يذكروها» وقال نحو هذا في " الصحيحة "(١٨٩).
(١) قال الشيخ أبو سفيان مصطفى باحو عن علم العلل: «إنه علم لا تضبطه قواعد مطردة دائماً وأبداً، ولا يدخل تحت قاعدة كلية أو مجموعة قواعد كلية تندرج تحتها جميع الجزئيات، بل التعليل عندهم دائر مع القرائن ومع الترجيحات، ومع ما ينقدح في نفس الناقد لطول الممارسة والخبرة» ثم ساق أمثلة متنوعة لترجيحات مختلفة انظر: كتابه النافع "العلة وأجناسها": ٥٩ - ٦١. (٢) قال علي بن المديني في "علله": ٦٥: «الحسن رأى أم سلمة، ولم يسمع منها، وكان صغيراً، وكانت أم الحسن تخدم أم سلمة وقد روت عنها»، ولم أجد من خرّج هذه الرواية.