إذا أقبلت يقول لي الموتى: هذا ابنك قد أقبل فأُسرَّ بذلك، ويُسرّ من حولي.
قال: فكنت أزورها في كل ليلة جمعة ويومها وأقرأ عندها شيئًا من القرآن وأقول: أَنس اللَّه وحشتكم، ورحم غربتكم وتجاوز عن سيئاتكم وتقبل حسناتكم.
فبينما أنا ذات ليلة نائم إذا بخلق كثير قد جاءوني فقلت: من أنتم؟ وما حاجتكم؟
فقالوا: نحن أهل المقابر جئناك نشكرك ونسألك أن لا تقطعنا من تلك القراءة والدعوات فما زلت أقرأ وأدعو لهم بتلك الدعوات في كل ليلة جمعة ويومها.
ويحك تنبه لنفسك … واعمل لما تلقى غدا
فالموت يأتي بغتة … وليس عنه محيد
من لك إذا ملك … من كان يهوى صحبتك
وجزت لحدك وحدك … مفلس غريب وحيد
إن كنت يا صائح نائم … لا بد في القبر تنتبه
وأنت فيه (محر) (١) … عما تريد بعيد
أهل القبور تهيئوا … ما أنت فيه بجهدهم
ولست تدري … من هم شقي وسعيد
فدع دموعك تجري … قبل أن يقال لمن عصى
ألم تكن قبل تدري … أن الحساب شديد
كل القلوب قد كانت … لكن قلبك قد قسا
قد كان قلبك أضحى … بين القلوب جديد
ويحك فهيئ زادك … واحذر تفند (٢) يا فتى
قبل أن تسافر بغتة … ما ينفع التفنيد
الثانية: عن صالح المري (٣) قال: أقبلت ليلة الجمعة إلى الجامع لأُصلي فيه صلاة الفجر.
= وقال أحمد: يصله ثواب الجميع كالحج. [النووي في شرح مسلم (٧/ ٧٩) طبعة دار الكتب العلمية].
(١) كذا بالأصل.
(٢) فَنَدَ فَنَدًا: كذب وأتى بالباطل، فنَّد فلانا خطَّأ رأيه، والمُفنَّد: الضعيف الرأي.
(٣) صالح المري، واعظ أهل البصرة، أبو بشر صالح بن بشير البصري، القاص، الزاهد، الخاشع =