قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النَّحْل: ١٥ - ١٦].
- قَولُهُ: (وتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ): لِأَنَّ النُّجُومَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ الَّتِي لَا يَعْلَمُ البَشَرُ شَأْنَ خَفَايَاهَا إِلَّا بِمَا أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى بِهِ عَنْهَا، وَالمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِالكَفِّ عَنْهَا إِلَّا فِي حُدُودِ مَا جَاءَ فِي الشَّرْعِ بَيَانُهُ كَمَا بَيَّنَهُ قَتَادَةُ ﵀.
وَفِي الحَدِيثِ: ((إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فأَمْسِكُوا، وَإذا ذُكِرَ القَدَرُ فَأَمْسِكُوا)) (١).
- أَثَرُ قَتَادَةَ ﵀ بِتَمَامِهِ -كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ-: "وَإِنَّ نَاسًا جَهَلَةً بِأَمْرِ اللهِ؛ قَدْ أَحْدَثُوا مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ كِهَانَةً: مَنْ أَعْرَسَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا؛ كَانَ كَذَا وَكَذَا! ومَنْ سَافَرَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا؛ كَانَ كَذَا وَكَذَا! وَمَنْ وُلِدَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا؛ كَانَ كَذَا وَكَذَا!
وَلَعَمْرِي مَا مِنْ نَجْمٍ إِلَّا يُولَدُ بِهِ الأَحْمَرُ وَالأَسْوَدُ، وَالقَصِيرُ وَالطَّوِيلُ، وَالحَسَنُ وَالدَّمِيمُ، وَمَا عِلْمُ هَذَا النَّجْمِ وَهَذِهِ الدَّابَّةِ وَهَذَا الطَّيرِ بِشَيءٍ مِنَ الغَيبِ؟! وَقَضَى اللهُ أَنَّهُ: ﴿لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النَّمْل: ٦٥] " (٢).
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀: "وَهُوَ كَلَامٌ جَلِيلٌ مَتِينٌ صَحِيحٌ" (٣).
- قَولُ المُصَنِّفِ ﵀: (ورَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ) هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِذَلِكَ العِلْمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾ [يُونُس: ٥] وَظَاهِرُ الآيَةِ أَنَّ حُصُولَ
(١) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١٠/ ١٩٨) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٣٤).(٢) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ (١٦٥٣٦).(٣) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (٦/ ٢٠٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute