سُعُودًا مُبَارَكَةً وَيَقْضِي بِسَعَادَةِ مَنْ قَارَنَهَا وَحُصُولِ اليُمْنِ لَهُ وَالبَرَكَةِ، وَيَخْلُقُ بَعْضَ ذَلِكَ نُحُوسًا يَتَنَحَّسُ بِهَا مَنْ قَارَنَهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، كَمَا خَلَقَ سَائِرَ الأَسْبَابِ وَرَبَطَهَا بِمُسَبَّبَاتِهَا المُتَضَادَّةِ وَالمُخْتَلِفَةِ" (١).
قُلْتُ: وَتَأَمَّلْ تَبْوِيبَ البُخَارِيِّ ﵀ عَلَى الحَدِيثِ فَقَالَ: "بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ المَرْأَةِ، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ﴾ [التَّغَابُن: ١٤] " (٢)، فَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ النِّسَاءِ مَا يَكُونُ فِيهَا شَرٌّ لِزَوجِهَا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ فِيهَا خَيرٌ. ثُمَّ أَورَدَ البُخَارِيُّ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ ﵄ مَرْفُوعًا: ((مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ)) (٣)، وَهَذَا فِيهِ بَيَانُ سَبَبِ الشُّؤْمِ فِيهَا، وَأَنَّ فِتْنَةَ المَرْأَةِ لِلرَّجُلِ مِنْ أَعْظَمِ الفِتَنِ، فَلِذَلكَ قَالَ: "بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ المَرْأَةِ"، فَجَعَلَ تِلْكَ الفِتْنَةَ هِيَ سَبَبَ الشُّؤْمِ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ القَدَرِيَّةِ فِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاءِ. فَرَحِمَ اللهُ البُخَارِيَّ مَا أَدَقَّ نَظَرَهُ.
(١) مِفْتَاحُ دَارِ السَّعَادَةِ (٢/ ٢٥٧).(٢) البُخَارِيُّ (٧/ ٨).(٣) البُخَارِيُّ (٥٠٩٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute