٢ - مَعْنَى البَرَكَةِ.
البَرَكَةُ تَدُورُ حَولَ ثَلَاثَةِ مَعَانٍ: الثَّبَاتُ وَاللُّزُومُ، النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ (١)، السَّعَادَةُ (٢).
وَالتَّبَرُّك هُوَ طَلَبُ البَرَكَةِ، أَي: طَلَبُ حُصُولِ الخَيرِ بِمُقَارَبَةِ ذَلِكَ الشَّيءِ وَمُلَابَسَتِهِ.
وَيَشْرحُ مَعْنَى البَرَكَةِ مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: ((إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَو مالِهِ أَو مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لهُ بِالبَرَكَةِ؛ فَإِنَّ العَينَ حَقٌّ)) (٣)، فَالمَقْصُودُ بِالبَرَكَةِ هُنَا -مَثَلًا- هُوَ عَكْسُ مَا يُخْشَى مِنْهُ مِنَ العَينِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَولُ عَائِشَة ﵂ -لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ جُوَيرِيَةَ بِنْتَ الحَارِثِ- قَالَتْ: (فَمَا رَأَينَا امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَومِهَا مِنْهَا؛ أُعْتِقَ فِي سَبَبِهَا مِائَةُ أَهْلِ بَيتٍ مِنْ بَنِي المُصْطَلِقِ) (٤)، فالبَرَكَةُ هُنَا هِيَ حُصُولُ الخَيرِ بِسَبَبِهَا.
وَكَمَا قَالَ أُسَيدُ بْنُ حُضَيرٍ فِي قِصَّةِ شَرْعِيَّةِ التَّيَمُّمِ: (مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ) (٥) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيسَ ذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ خَيرٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِكُم.
(١) قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الأَزْهَرِيُّ فِي تَهْذِيبِ اللُّغَةِ (١٠/ ١٣١): "وَأَصْلُ البَرَكَةِ: الزِّيَادَةُ وَالنَّمَاءُ".(٢) قَالَ الفَرَّاءُ فِي كِتَابِهِ مَعَانِي القُرْآنِ (٢/ ٢٣) عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيكُمْ أَهْلَ الْبَيتِ﴾ [هُود: ٧٣]: "البَرَكَاتُ: السَّعَادَةُ".(٣) صَحِيحٌ. الحَاكِمُ (٧٥٠٠) عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَة مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَة (٢٥٧٢).(٤) حَسَنٌ. أَبُو دَاوُدَ (٣٩٣١). صَحِيحُ أَبِي دَاوُدَ (٣٩٣١).(٥) وَالحَدِيثُ بِتَمَامِهِ -كَمَا فِي البُخَارِيِّ (٣٣٤) - عَنْ عَائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ قَالَتْ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيدَاءِ أَو بِذَاتِ الجَيشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى التِمَاسِهِ وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؛ فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؛ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ وَالنَّاسِ؛ وَلَيسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيسَ مَعَهُمْ مَاءٌ! فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ -وَرَسُولُ اللهِ ﷺ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ- فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَالنَّاسَ؛ وَلَيسُوا=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute