قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀: "فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِمُ المُسْلِمُونَ مِنَ الجِنِّ أَوِ الإِنْسِ مِمَّنْ يُسَمُّونَهُم بِرِجَالِ الغَيبِ مِنَ الأَولِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، سَوَاءً كَانُوا أَحْيَاءً أَو أَمْوَاتًا! فَإِنَّ الاسْتِغَاثَةَ بِهِم وَطَلَبَ العَونِ مِنْهُم شِرْكٌ بَيِّنٌ، لِأَنَّهُم لَا يَسْمَعُونَ الدُّعَاءَ، وَلَو سَمِعُوا لَمَا اسْتَطَاعُوا الإِجَابَةَ وَتَحْقِيقَ الرَّغْبَةِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي آيَاتٍ كَثِيرْةٍ، مِنْهَا قَولُهُ ﵎: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ [فَاطِر: ١٤] " (١).
ب- تَقْيِيدُهُ بِمَنْ أَصَابَتْهُ عَرْجَةٌ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ؛ فَيُدَلُّ إِلَى الطَّرِيقِ، كَمَا جَاءَ فِي نَفْسِ الحَدِيثِ، وَلَيسَ عُمُومَ النَّصْرِ وَالإِغَاثَةِ وَالرِّزْقِ وَالشَّفَاعَةِ (٢)!
رَابِعًا: أَنَّ الشَّرْعَ دَلَّ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ -جَدَلًا- وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى دُعَاءِ الأَمْوَاتِ وَالغَائِبِينَ! فَالوُقُوفُ مَعَ النَّصِّ هُوَ الصَّوَابُ -إِثْبَاتًا وَنَفْيًا-.
خَامِسًا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَعْلُ هَذَا الأَثَرِ -عَلَى القَولِ بِحُجَّتِهِ- نَصًّا لِهَدْمِ النُّصُوصِ العَامَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْ دُعَاءِ الأَمْوَاتِ وَالغَائِبِينَ وَمَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ -فَضْلًا عَنْ غَيرِهِ- ضَرًّا وَلَا نَفْعًا!
(١) الصَّحِيحَةُ (٦٥٦).(٢) وَقَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ أَيضًا فِي الصَّحِيحَةِ (٦٥٦): "وَيَبْدُو أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ -الَّذِي حَسَّنَهُ الحَافِظُ- كَانَ الإِمَامُ أَحْمَدُ يُقَوِّيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِهِ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ فِي (المَسَائِلِ) (٢١٧): سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَجَجْتُ خَمْسَ حُجَجٍّ؛ مِنْهَا اثْنَتَين رَاكِبًا، وَثَلَاثَةً مَاشِيًا، أَوِ اثْنَتَين مَاشِيًا، وَثَلَاثَةً رَاكِبًا؛ فَضَلَلْتُ الطَّرِيقَ فِي حَجَّةٍ -وَكُنْتُ مَاشِيًا-، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: يَا عِبَادَ اللهِ دُلُّونَا عَلَى الطَّرِيقِ! فَلَمْ أَزَلْ أَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَى الطَّرِيقِ.قُلْتُ: وَقَدْ أَورَدَ ابْنُ القَيِّمِ ﵀ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقَ فِي كِتَابِهِ (الوَابِلُ الصَّيِّبُ) فِي الفَصْلِ السَّابِعِ وَالثَّلَاثُينَ (ص ١٢٥): فِي (الدَّابَةُ إِذَا انْفَلَتَتْ وَمَا يُذْكَرُ عِنْدَ ذَلِكَ).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute