التَّعْبِيرُ عَنِ المَفْعُولِ بِالصِّفَةِ لِأَنَّهُ نَاجِمٌ عَنْهَا، فَالقَدَرُ يُطْلَقُ عَلَى نَفْسِ تَقْدِيرِ اللهِ تَعَالَى -وَهَذَا مُلَازِمٌ لِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعِلْمِهِ سُبْحَانَهُ- وَهَذَا كُلُّهُ خَيرٌ؛ لَيسَ فِيهِ شَرٌّ مُطْلَقًا، وَأَيضًا يُطْلَقُ القَدَرُ عَلَى المَقْدُورِ، وَهُوَ المُفْعُولِ مِنْهُ ﷾ فِي خَلْقِهِ -وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ الخَيرُ وَالشَّرُّ-، لِأَنَّهُ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ ابْتِلَاءِ اللهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ بِالخَيرِ وَالشَّرِّ، كَمَا سَبَقَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيرِ فِتْنَةً وَإِلَينَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٣٥]، فَيَظْهَرُ فِيهِ -مَآلًا- فَضْلُهُ تَعَالَى مَعَ المُطِيعِ، وَعَدْلُهُ مَعَ العَاصِي، وَكُلُّ ذَلِكَ خَيرٌ فِي حَقِيقَتِهِ (١).
وَقَدْ أَشَارَ البُخَارِيُّ ﵀ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ في صَحِيحِهِ فَقَالَ: "بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَغَيرِهَا مِنَ الخَلَائِقِ، وَهُوَ فِعْلُ الرَّبِّ ﵎ وَأَمْرُهُ، فَالرَّبُّ بِصِفَاتِهِ وَفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَكَلَامِهِ؛ وَهُوَ الخَالِقُ المُكَوِّنُ: غَيرُ مَخْلُوقٍ، وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ وَتَخْلِيقِهِ وَتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ مَخْلُوقٌ مُكَوَّنٌ) (٢).
(١) وَلِتَمَامِ الفَائِدَةِ فِي بَيَانِ أَنَّ الصِّفَةَ تُطْلَقُ عَلَى المَفْعُولِ؛ رَاجِعِ الفَوَائِدَ فِي شَرْحِ بَابِ (فَضْلِ التَّوحِيدِ وَمَا يُكَفَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ) مِنْ كِتَابِنَا هَذَا.(٢) البُخَارِيُّ (٩/ ١٣٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute