وقال النضر بن شميل: سمى نفسه سلامًا؛ لأن الخلق سلموا من ظلمه (١)، وهذا أيضًا مثل قول المبرد؛ لأن معناه ذو السلام، قال ابن الأنباري: وعلى هذا هو من باب حذف المضاف كقوله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}[البقرة: ٩٣] وأمثاله (٢).
القول الثاني: أن السلام جمع سلامة، ومعنى دار السلام: الدار التي من دخلها سلم من الآفات؛ كالموت والمرض والألم والمصائب ونزغات الشيطان والكدّ والعناء، وخوف العاقبة، وغير ذلك بما يكون في الدنيا.
وقال قوم: سميت الجنة دار السلام؛ لأن الله تعالى يسلم على أهلها، قال الله تعالى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}[يس: ٥٨]، والملائكة يسلمون عليهم أيضًا] (٣)، قال الله تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: ٢٣، ٢٤]، وهم أيضًا يحيّي بعضهم بعضًا بالسلام، قال الله تعالى عنهم:{تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}(٤)[إبراهيم: ٢٣]، وهذا معنى قول الحسن: إن السلام لا ينقطع عن أهل الجنة، وهو تحيتهم (٥)، وكنا وعدنا في تفسير قوله:{دَارُ السَّلَام}[الأنعام: ١٢٧] زيادة بيان هاهنا.
(١) انظر: "زاد المسير" ٨/ ٢٥، ولم يعين القائل. (٢) "الزاهر" ١/ ٦٤ بنحوه. (٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ح). (٤) ذكر نحو هذا القول مختصرًا الثعلبي ٧/ ١٢ ب، والبغوي ٤/ ١٢٩. (٥) رواه الثعلبي ٧/ ١٢ ب.