أفبنعمة الله تجحدون. فهو خطاب للكفار، وفيه معنى التوبيخ لهم. وقرأ الباقون بالياء، ردّوه على لفظ الغيبة التي قبله، وذلك قوله: ﴿فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا﴾، وقوله: ﴿فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ﴾ ولفظ الغيبة أقرب إليه من لفظ الخطاب، وهو الاختيار، وهو أولى، ولأن الجماعة عليه (١).
وقد ذكرنا ﴿يَعْرِشُونَ﴾ في الأعراف (٢).
«١٩» قوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ﴾ قرأه حمزة وابن عامر بالتاء، على الخطاب ردّاه على لفظ الخطاب الذي قبله، وهو قوله: ﴿وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ﴾ «٧٨» وعلى قوله قبل ذلك:
﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ﴾ «٧٤»، وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾، ثم قال:
﴿أَلَمْ يَرَوْا﴾ فجرى كله على الخطاب، وقرأ الباقون بالياء، ردّوه على لفظ الغيبة في قوله: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً﴾ «٧٣» وقوله:
﴿وَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه (٣).
«٢٠» قوله: ﴿يَوْمَ ظَعْنِكُمْ﴾ قرأ الكوفيون وابن عامر بإسكان العين، وفتح الباقون، وهما لغتان كالسّمع والسّمع والنّهر والنّهر (٤).
«٢١» قوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ﴾ قرأ عاصم وابن كثير بالنون، على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه بالجزاء الذي أكده بالقسم وهو خروج من غيبة إلى إخبار، كقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ﴾، ثم قال: ﴿أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي﴾ «العنكبوت ٢٣» وقرأ الباقون بالياء، ردّوه على لفظ الغيبة في قوله: ﴿وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ﴾، والاختيار الياء، لأن أكثر القراء عليه (٥).
(١) زاد المسير ٤/ ٤٦٨، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٧٧، وتفسير النسفي ٢/ ٢٩٣، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥٨ /أ، وكتاب سيبويه ٢/ ٢٠، وتفسير مشكل إعراب القرآن ١٤٠ /أ. (٢) تقدّم ذكره في أول هذه السورة. (٣) تفسير النسفي ٢/ ٢٩٥. (٤) التبصرة ٨٢ /ب، وزاد المسير ٤/ ٤٧٦، والنشر ٢/ ٢٩٣، وتفسير النسفي ٢/ ٢٩٥. (٥) زاد المسير ٤/ ٤٨٨، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٨٥، وتفسير النسفي ٢/ ٢٩٩.