بفتح النون، وقرأ الباقون بالضمّ، ومثله في المؤمنين (١).
وحجة من فتح النون أنه جعله ثلاثيا، فبناه على «سقيت أسقي» كما قال تعالى ذكره: ﴿وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ﴾ «الإنسان ٢١»، وقال: ﴿يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾ «الشعراء ٧٩»، وقال: ﴿وَسُقُوا ماءً حَمِيماً﴾ «محمد ١٥»، ومنه: ﴿يُسْقى﴾ ١٦٠ /أ ﴿بِماءٍ واحِدٍ﴾ «الرعد ٤» ﴿وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ﴾ «إبراهيم ١٦» كله من سقى يسقي، إجماع.
«١٧» وحجة من ضمّ النون أنّه بناه على «أسقيت فلانا» بمعنى: جعلت له شربا يشربه (٢)، فالمعنى في الضم، فجعل لكم شربا ممّا في بطون الأنعام، وقد قال تعالى ذكره: ﴿وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً﴾ «المرسلات ٢٧» أي: جعلنا لكم شربا، ليس هو من سقي الفم، لرفع «العطش» فالمعنى: جعلنا لكم شربا لا ينقطع كالسّقيا. وقد قالوا: سقيته وأسقيته بمعنى، جعلت له شربا، فتكون القراءتان بمعنى واحد على هذه اللغة (٣)، قال الشاعر:
سقى قومي بني نجد وأسقى … نميرا والقبائل من هلال (٤)
فليس يريد ب «سقى قومي» ما يروي عطاشهم، لم يدع لهم لأجل عطش بهم، إنما دعا لهم بالخصب والسّقي، يريد: رزقهم الله سقيا لبلدهم يخصبون منها، ويبعد أن يسأل لقومه ما يروي عطاشهم، ويسأل لغيرهم ما يخصبون منه، لأنه قال:
وأسقى نميرا، أي: جعل لهم سقيا وخصبا (٥).
«١٨» قوله: ﴿أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ قرأه أبو بكر بالتاء، ردّه على الخطاب الذي قبله، وهو قوله: ﴿وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ﴾ أي: فعل بكم ذلك وتجحدون بنعمة الله، ويجوز أن يكون على معنى: قل لهم يا محمد:
(١) حرفها هو: (آ ٢١). (٢) ب: «فشربه» وتصويبه من: ص، ر. (٣) ب: «العلة» وتصويبه من: ص، ر. (٤) الشاهد للبيد انظر ديوانه ٩٣، وهو في الحجة في القراءات السبع ١٨٦، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥٧ /ب. (٥) زاد المسير ٤/ ٤٦٢، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥٧٢، وتفسير النسفي ٢/ ٢٩١.