وراء ظهرك، فلم يدخل معك قبرك غيري. فيقول: يا ليتني آثرتك على أهلي وولدي وعشيرتي وما خولني الله، إذ لم يدخل معي غيرك.
قال يزيد الرقاشي ﵀(١): بلغني أن الميت إذا وضع في قبره احتوَشَتْه (٢) أعمالُه، ثم أنطقَها الله، فقالت: أيها العبد المنفرد في حفرته، انقطع عنك الأخلاءُ والأهلون، فلا أنيس لك اليوم غيرنا، ثم بكى يزيد وقال: طوبى لمن كان أنيسه صالحًا، والويل لمن كان أنيسه وبالًا.
تزوَّد قرينًا من فعالك إنما … قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
وإن كنت مشغولًا بشيءٍ فلا تكن … بغير الذي يرضى به الله تُشغل
فلن يصحب الإنسانَ من بعد موتِه … إلى قبرِه إلا الذي كان يعملُ
ألا إنما الإنسانُ ضيف لأهلِه … يقيم قليلًا عندهم ثم يرحلُ).
من فوائد الحديث:
أولًا: في الحديث التذكير بالموت وانقضاء الأعمار وانقطاع الأعمال.
ثانيًا: فيه الحث على قصر الأمل، واغتنام الأعمار في طاعة الله والأعمال الصالحة.
ثالثًا: فيه أن المال والأهل اللذان يتبعان الميت لا ينفعانه بعد موته، وإنما ينفعه عمله الصالح، أما ماله الذي أنفق، فلا ينفعه منه إلا ما قدمه لآخرته.
(١) ينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (٦٥/ ٨٨)، وتاريخ بغداد للخطيب البعدادي (٤/ ٦٦٤)، وتهذيب الكمال للمزي (٣٢/ ٧٤). (٢) احتوشته: أحاطت به. ينظر: تهذيب اللغة للهروي (٥/ ٩٣).