الرقى، فإنهم لهم غرض في ذلك بخلاف غيرها مما بدلوه، وقد ذكر مسلم بعد هذا أن النبي ﷺ قال:«اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شيء»(١).
وأما قوله في الرواية الأخرى: يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى (٢)، فأجاب العلماء عنه بأجوبة:
أحدها: كان نهى أولًا، ثم نسخ ذلك وأذن فيها وفعلها، واستقر الشرع على الإذن.
والثاني: أن النهي عن الرقى المجهولة كما سبق.
والثالث: أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها، كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة.
أما قوله في الحديث الآخر:«لا رقية إلا من عينٍ أو حُمَةٍ»؛ فقال العلماء: لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما ومنعها فيما عداهما، وانما المراد لارقية أحق وأولى من رقية العين والحمة، لشدة الضرر فيهما).
حكم النُّشرة:
قال النووي ﵀(٣): (قال القاضي: وجاء في حديث في غير مسلم سئل عن النشرة فأضافها إلى الشيطان قال: والنشرة معروفة مشهورة عند أهل
(١) أخرجه مسلم برقم (٢٢٠٠) عن عوف بن مالك الأشجعي. (٢) أخرجه مسلم برقم (٢١٩٩) عَنْ جَابِرٍ ﵁، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الرُّقَى، فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِي بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ، وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، قَالَ: فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ». (٣) ينظر: شرح النووي على مسلم (١٤/ ١٦٨).