بسط الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١) القولَ في حقيقة الزهد في الدنيا، وذكر أقوال العلماء في ذلك، فأجاد وأفاد ﵀، فكان مما قال:
(فأما الزهد في الدنيا، فقد كثر في القرآن الإشارة إلى مدحه، وإلى ذمِّ الرغبة في الدنيا، قال تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى: ١٦ - ١٧].
وقال تعالى: ﴿تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا﴾ [الأنفال: ٦٧].
والأحاديث في ذم الدنيا وحقارتها عند الله كثيرة جدًّا، ففي صحيح مسلم عن جابر ﵁، عن النبي ﷺ مر بالسوق والناس كنفَيْه، فمر بجديٍ أسكٍّ (٢) ميتٍ، فتناوله، فأخذ بأذنه، فقال:«أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟»،
(١) ينظر: جامع العلوم والحكم لابن رجب (٢/ ١٧٧)، وما بعدها باختصار. (٢) (أسك): بتشديد الكاف أي: صغير الأذن أو عديمها أو مقطوعها.