بعضهم: هو الصواب. قال أبو عبيد: قاموس البحر وسطه، وفى الجمهرة: لجته، وفى كتاب العين: قال فلان قولاً بلغ قاموس البحر، أى قعره الأقصى، وهذا المعنى بيِّنٌ فى هذا الحديث (١) نحوه. وقال الحربى: قاموس البحر قعره. وقال أبو مروان بن سراج: قاموس فاعول من قمسته إذا غمسته، فقاموس البحر لُجَّته التى تضطرب أمواجها ولا تستقر مياهها، كأنَّ بعض أجزائه تغمس بعضاً، وهى لفظة عربية صحيحة.
قال القاضى: ومنه ما جاء فى الحديث فى المرجُوم: " إنه لينغمس فى أنهار الجنة "(٢)" وأن ملكًا موكل بقاموس البحار "(٣). - قال أبو على الجبائى: لم أجد فى هذه اللفظة ثلجًا. وقال لى شيخنا أبو الحسين: قاعوس البحر صحيح فى رواية من رواه - أيضًا - بمعنى قاموس، كأنه من القعس وهو تطامن الظَهْر وتعمقه، يرجع إلى عمق البحر ولجته الداخلة. وذكر أبو عمر المطرزى فى كتاب اليواقيت: القاعوس الحيَّة، فعلى هذا - إن صحت الرواية - يكون معناه بلغن حيوان البحر وحياته وحيتانه.
جاء فى الحديث:" كانت خطبته قصدًا وصلاته قصدًا " أى متوسطة بين الطول
والقصر، ومثله القصد من الرجال، والقصد فى المعيشة مجانبة السرف، وهى سنة الخطبة، لئلا يطول على الناس، ولما فى تطويلها من التصنع بالكلام والتشدق فى الخطاب، ولأمْره - عليه السلام - " من صلى بالناس فليخفف ".
وقولهم لعمار وقد خطب فأبلغ وأوجز:" لقد أبلغت فأوجزت، فلو كنت تَنفَّسْتَ " أى أطلت الكلام شيئًا ووسَّعته (٤) يقال: نفس الله فى مدته، أى أطالها.
(١) فى الأصل: البحر. (٢) أبو داود فى سننه، ك الحدود، ب رجم ماعز بن مالك ولفظه: " والذى نفسى بيده، إنه الآن لفى أنهار الجنة ينغمس فيها " ٤/ ١٤٥، بيد أنه فى نسخة الحلبى قد تصرف المحقق فيها وقَيَّدهما: ينغمس. (٣) أحمد فى المسند ٥/ ٣٨٢ عن ابن عباس بلفظ: " بقاموس البحر ". (٤) زيد بعدها فى هامش س: فإنَّه اختصر.