قول عائشة:"لَا أُزَكى بِهِ"(١) أي: بالدفن في موضع به قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه تواضعًا منها، أو إعظامًا أن يفعل ذلك غيرها، أو لا يكون سبب دفنها معهم كشف بعض قبورهم؛ إذ كان المكان لا يحتمل أكثر مما فيه، ألا ترى قولها لعمر:"إِنَّمَا كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي"(٢) فلو كان الموضع محتملًا أكثر من واحد، لما كان لقولها معنىً.
وقوله:"أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ"(٣) أي: أعطى الذمة والعهد بالحلف بي، أو أعطى العهد بحقي.
وقول عبد الله:"أَجِدُ بِي - يَعْنِي: قُوَّةً" كذا في كتاب الأنبياء في قصة داود من حديث مسعر (٤)، أي: فيَّ أو مني، على أن الأصيلي رواها بالنون، وبالباء (٥)، أي: أجدني أقوى على أكثر من ذلك، فحُذِف لدلالة اللفظ عليه، لكنه لا يستقل اللفظ على قول مسعر:"يَعْنِي: قُوَّةً" ولو قال: قويًّا كان أليق بالكلام، إلاَّ أنه يخرج على تقدير حذف مضاف، أي: أجدني ذا قوة، ثم حذف: ذا.
وفي باب التوبة:"نَزَلَ مَنْزِلًا وبِهِ مَهْلَكَةٌ"(٦) هكذا لجميع رواة البخاري، وهو تصحيف، سقطت الدال بين اللام ألف والواو، وإنما كان:"نَزَلَ مَنْزِلًا دَوِيَّةً مَهْلَكَةً" أي: أرضًا صفتها هذِه، وكذا في كتاب مسلم:
(١) البخاري (١٣٩١). (٢) البخاري (١٣٩٢، ٣٧٠٠). (٣) البخاري (٢٢٢٧) من حديث أبي هريرة. (٤) البخاري (٣٤١٩) من حديث عبد الله بن عمرو. (٥) انظر: اليونينية ٤/ ١٦٠. (٦) البخاري (٦٣٠٨) عن ابن مسعود.